السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصة حقيبة المفاجآت
في منزل صغير في الغابة ، كانت تعيش أختان صغيرتان مع أمهما ، وكان يتردد في ذلك الوقت أنه توجد زهرة برّية نادرة الوجود من يجدها ويتمنى أمنية تتحقق على الفور..
وفي صباح يوم من أيام الربيع ، وقفت الأخت الصغرى في النافذة ترقب جمال الزهور وتستنشق النسيم العليل ، فشمت رائحة قوية غريبة نفاذة غير ما تعود عليها أنفها من قبل ، فأيقنت أن هذه الرائحة لابد وأن تكون لزهرة الحظ. فهرولت مسرعة توقظ أختها النائمة واتجهتا سوياً إلى الغابة ، وبالفعل وجدتا هناك زهرة وحيدة صفراء تشع بريقاً صافياً ، قطفت الصغيرة الزهرة وتمنت الأمنية التي يجب أن تحفظها في سرّها حتى تتحقق.
أخذت الأختان الزهرة معهما إلى المدرسة مسرورتين بها ، وفي طريق العودة سقطت الزهرة من يد الصغيرة ، فانحنت لإلتقاطها ولشد ما كانت دهشتها عندما وجدت أسفلها ثلاثة قروش قديمة .
قررت الصغيرتان شراء بعض الحلوى بها ، واتجهت من فورهما إلى محل البقالة ، وهناك زاغت أعينهما على الأنواع العديدة من الحلويات ، ولكنهما توقفتا عند حقائب الحظ والمفاجآت المصنوعة من الورق الأبيض ، أمسكت الصغيرة بالزهرة في يدها مارة بها على تلك الحقائب لاختيار إحداهن ، فلمحت حقيبة إصّفرّ غلافها من القدم ، وكتب عليها بخط باهت متآكل ( حقيبة المفاجآت ) ..أخذت الفتاتان الحقيبة الغريبة والتي دهشت صاحبة المحل نفسها من وجودها ، في مقابل الثلاثة قروش.
مضت الفتاتان بالحقيبة إلى الغابة حتى لا يراهما أحد أثناء فتحها ، وهناك على صخرتين متقاربتين جلستا لفض محتويات الحقيبة..وجدتا طاقماً للشاي كاملاً ، ولكنه صغير جداً وقديم وذو نقوش بديعة ودقيقة ، وكان يتكون من براد في حجم البندقة ، وفنجان مستدير بطبقه ووعاء لوضع السكر ..وكان في الحقيبة أيضاً كتاب بالي ، ورقه أصفر من القدم ومكتوب عليه بخط صغير ( تاريخ عقلة الأصبع) .
أخذت الأخت الكبيرة في قراءة ما في الكتاب من قصص ومغامرات ذلك القزم الذي أهدته إحدي الجنّيات لأحد الملوك لتسليته ، وقد منحه الملك لقب فارس لشجاعته وجرأته...وصلت درجة استغراق الفتاتان في القراءة إلى الحد الذي لم يشعرا فيه بوجود كائن صغير بجوارهما يستمع هو الآخر إلى ما يقرآنه ، وأخيراً فطنتا إليه ، فارتعدتا من الخوف ، ولكن عقلة الإصبع راح يطمأنهما ، وأعرب عن دهشته في وصول هذا الطقم إلى أيديهما وهو قد سُرق منه وتعب من كثرة البحث عنه ، وأفصحت الصغيرة عن الأمنية التي تمنتها ، وهي رؤية عقلة الإصبع الذي سمعت عنه الكثير من الحكايات والتي تحققت بظهوره لهما .
مضى الوقت سريعاً ، وكان على الصغيرتين العودة إلى المنزل حتى لا تقلق عليهما الأم ، وقررتا إعطاء عقلة الإصبع طقم الشاي ، فهو بلا شك في حاجة إليه أكثر منهما . سرّ عقلة الإصبع من ذلك أيما سرور ومنحهما قطرتي ندى تعبيراً عن شكره لهما . مضت الصغيرتان إلى مسكنهما ، وفي صندوق صغير احتفظتا بزهرة الحظ ومعها قطرتي الندى وكتاب تاريخ عقلة الإصبع الذي تركه لهما أيضاً..وتمر الأيام والسنون وتكبر الصغيرتان لتصبحا فتاتين جميلتين..
وفي أثناء أحاديثهما الشيّقة تذكرتا ما حدث لهما في طفولتهما ، فقررتا فتح الصندوق القديم ، كانت هناك مفاجأة كبرى بانتظارهما ..فقد تحولت قطرتي الندى إلى لؤلؤتين براقتين لا تقدران بمال ..فأدركتا قيمة الهدية التي قدمها لهما عقلة الإصبع مقابل تصرفهما الطيب معه بإعطائه طاقم الشاي الخاص به ...وعاشتا مع أمهما في سعادة..