مع تسارع نبض الشارع المصري في خضم الأحداث الأخيرة، يفتح موقع "بص وطل" هذا الركن ليكون إطلالة متجددة على الآراء الثاقبة التي تتناول بالتقييم والتحليل لحظة من أهم اللحظات في تاريخ الوطن الحديث.
من مقال الأستاذ مجدي الجلاد رئيس تحرير جريدة المصري اليوم:
سوف يخطئ النظام الحاكم، للمرة المليون، إذا تجاهل ما حدث في 25 يناير 2011.. وسوف يخطئ أكثر لو ارتكن للطريقة القديمة: شرذمة ضالة.. عناصر أجنبية.. وجماعات محظورة.. فالخطر الحقيقي الذي يهدد أي "نظام" ليس المظاهرات ولا ضغوط المعارضة.. وإنما هو.. إغلاق عينه عن رؤية الحقيقة..!
يا أيها النظام، مصر تغيّرت.. يا أيها الحكام، المصريون الجدد غير أبي وجدي.. زمان.. كان والدي -يرحمه الله- يعمل موجهاً في التربية والتعليم.. كنت ألاحظ أنه مثل أبناء جيله.. يمشون "جنب الحيطة".. بعضهم كان يتمنى أن يمشي "جوه الحيطة".. ومعظمهم كان "يسمع الكلام"؛ حتى يربي العيال بمرتب "30 جنيها" في الشهر..!
غير أن أمي، يرحمها الله، كانت تقول إن البركة وحدها جعلت الـ"30 جنيها" تربي 7 صبيان وبنات.. وحيث إن "بركة" زمان راحت.. وحيث إن أبي وجيله ماتوا.. فإن جيلاً جديداً يمشي في شوارع وحواري مصر.. جيلاً لا هو تزوج وأنجب "ببلاش" مثل آبائه وأجداده.. ولا هو حتى يجد وظيفة بـ"30 جنيها" في الحكومة أو غيرها.. جيلاً يعرف كل شيء، وأي شيء.. يجلس على الإنترنت فيتجاوز مصر إلى الكون كله.. جيلاً لا يملك شيئاً يخاف عليه.. "لا عيّل ولا تيّل".. ولا زوجة.. ولا بيتاً.. ولا "فلوس".. فكيف تتغير مصر كلها.. ويظل النظام الحاكم ثابتاً.. جامداً.. وكأنه يحكم أبي وجدي، يرحمهما الله..!!
أبي وجدي لم يخرجا في مظاهرة إلا ليقولا لعبد الناصر "لا تتنحّ".. ابني وابنك كانا في ميدان التحرير أمس الأول.. ابني كان عنده امتحان في الصباح التالي.. بكى لأول مرة منذ سنوات ليخرج في المظاهرة مع زملائه بالجامعة.. قلت له "والامتحان يا ابني".. نظر إليّ، ومنعه أدبه من رجمي بالسلبية.. نظراته كادت تذيبني.. أمه كانت خائفة عليه.. قال لها "فكرتيني بجدتي".. أمه خافت اتهامها بالرجعية.. انزوت في غرفتها.. وتركناه -أنا وهي- يعيش مثل جيله..!
لابد أن يعترف النظام بأن مصر تغيرت.. بينما هو لم يتغير.. ولابد أن طرفاً من الاثنين سيفرض وجهة نظره على الآخر.. فإما أن يقود النظام تغييراً من داخله.. أو يحاول "تجميد" الشباب وإخضاعهم لفكر "الأجداد"..!
لابد أن يعترف النظام بأنه أخطأ في ترك البلد في أيدي حكومة لا تجيد فهم الشارع.. وحزب يظن أن القضاء على أحزاب المعارضة والقوى السياسية نجاح له.. حزب يقوده أشخاص متحذلقون ينظرون باستعلاء للمواطن.. حزب تجاوز علاقة الزواج بين السلطة والمال.. فأنجب طفلاً غير شرعي، لا لونه قمحي، ولا شرب من نيل مصر..!
رسالة إلى البرادعي حيثما كان
كل مواطن من الآلاف الذين رابطوا في ميدان التحرير أحق بالقيادة منك.. كل امرأة حملت حلمها في مواجهة القنابل المسيلة للدموع أكبر منك.. كل شاب فتح صدره للرصاص المطاطي أغلى منك.. كل عجوز هتف من أجل الحرية أشجع منك.. يا خسارة..!!