|
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: |
فقد روى
البخاري في صحيحه عن
أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج -وهو القتل- حتى يكثر فيكم المال فيفيض. وروى
الترمذي في سننه عن
أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر، والشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كالضرمة بالنار. وصححه
الألباني. وقال
في تحفة
الأحوذي :
قال التوربشتي -رحمه الله-: يحمل ذلك على قلة بركة الزمان، وذهاب فائدته في كل مكان، أو على أن الناس لكثرة اهتمامهم بما دهمهم من النوازل والشدائد وشغل قلبهم بالفتن العظام، لا يدرون كيف تنقضي أيامهم ولياليهم. وقال
ابن حجر في فتح الباري:
فالذي تضمنه الحديث قد وجد في زماننا هذا، فإنا نجد من سرعة مر الأيام ما لم نكن نجده في العصر الذي قبل عصرنا هذا، وإن لم يكن هناك عيش مستلذ، والحق أن المراد نزع البركة من كل شيء حتى من الزمان، وذلك من علامات قرب الساعة. انتهى
وقال أيضاَ:
قال ابن أبي جمرة : يحتمل أن يكون المراد بتقارب الزمان: قصره، على ما وقع في حديث: لا تقوم الساعة حتى تكون السنة كالشهر. وعلى هذا فالقصر يحتمل أن يكون حسياً، ويحتمل أن يكون معنوياً، أما الحسي: فلم يظهر بعد، ولعله من الأمور التي تكون قرب قيام الساعة. وأما المعنوي: فله مدة منذ ظهر، يعرف ذلك أهل العلم الديني، ومن له فطنة من أهل السبب الدنيوي، فإنهم يجدون أنفسهم، لا يقدر أحدهم أن يبلغ من العمل قدر ما كانوا يعملونه قبل ذلك، ويشكون ذلك ولا يدرون العلة فيه، ولعل ذلك بسبب ما وقع من ضعف الإيمان، لظهور الأمور المخالفة للشرع من عدة أوجه. انتهى
فهذا ومثله مما قاله العلماء
في شرح هذين الحديثين وأمثالهما، يبين ذهاب بركة
الوقت بمرور الزمان، وأنه كان يحصل للسلف من
البركة في الوقت، ما لا يحصل لمن
بعدهم، وما ذلك إلا لكثرة الذنوب والمعاصي والآثام، ومع هذا فإن فضل الله تعالى واسع، ولا يخلو زمان من الأزمنة من طائفة تسير على جادة السابقين، وتحمل لواء السلف الصالحين، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.