هذه أبيات مقتبسة من قصيدة رثاء الأندلس
للشاعر : أبو البقاء صالح بن شريف الرنديّ
لكلِّ شيءٍ إذا ما تمَّ نقصانُ .. فلا يُغرَّ بطيبِ العيشِ إنسانُ
هيَ الأمورُ كما شاهدتها دولٌ .. مَنْ سرَّهُ زمنٌ ساءَتهُ أزمانُ
وهذهِ الدارُ لا تُبقِي على أحدٍ .. ولا يدومُ على حالٍ لها شانُ
يمزّقُ الدهرُ حتمًا كل سابغةٍ .. إذا نبتْ مشرفيّاتٌ وخِرصانُ
أينُ الملوكُ ذوو التيجانِ مِنْ يمنٍ .. وأينَ منهمْ أكاليلٌ وتيجانُ
وأين ما حازهُ قارونُ مِنْ ذَهَبٍ .. وأينَ عادٌ وشدّادٌ وقحطانُ
أتى على الكلِّ أمرٌ لا مردَّ لهُ .. حتى قَضَوْا فكأنَّ القومَ ما كانوا
وصارَ ما كان من مُلْكٍ ومن مَلِكٍ .. كما حَكَى عن خيالِ الطيفِ وَسْنانُ
فجائعُ الدهر أنواعٌ منوّعةٌ .. وللزمانِ مسرّاتٌ وأحزانُ
وللحوادثِ سُلْوانٌ يسهّلُها .. وما لما حلَّ بالإسلامِ سُلْوانُ
تبكي الحنيفيَّةُ البيضاءُ من أسفٍ .. كما بَكَى لفراقِ الإلْفِ هَيْمانُ
على ديارٍ منَ الإسلامِ خاليةٍ .. قدْ أقفرتْ ولها بالكفرِ عمرانُ
حيثُ المساجدُ قدْ صارتْ كنائسَ .. ما فيهنَّ إلاَّ نواقيسٌ وصلبانُ
حتى المحاريبُ تَبْكي وهيَ جامدةٌ .. حتى المنابرُ تَرْثي وهيَ عيدانُ
يا غافلاً ولهُ في الدهر موعظةٌ .. إنْ كنتَ في سِنةٍ فالدَّهرُ يقظانُ
كم يستغيثُ بنا المُستضْعفونَ وهمْ .. قَتْلى وأسْرَى فما يهتزُّ إنسانُ
لمثلِ هذا يذوبُ القلبُ من كَمَدٍ .. إنْ كانَ في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ
والسلام عليكم ..