أيام قلائل ويصبح أبناؤنا في إجازتهم الصيفية، وهي إجازة طويلة ومملة وفيها يتعرض أبناؤنا لكثير من المشاكل النفسية والإصابات الخطيرة التي تؤدي في بعض الحالات للموت، خصوصًا اللعب في الشوارع والتعرض للحوادث المرورية، أو التعرض لعصابات التطرف الديني والإرهاب الذين يستغلون فراغ الأطفال، والسيطرة عليهم بالأفكار المتطرفة والهدامة، التي ليس لها عَلاقة بالدين الإسلامي الحنيف.
ونتيجة الفراغ والإجازة الطويلة المملة، يجبُ علينا حماية أبنائنا وإظهار محبتنا لهم بتوفير الرحلات السياحية ذات الأسعار الرمزية (تذاكر خاصة بالطلاب)، وفتح المخيمات الصيفية، وتنشيط النوادي الرياضية،والتدريب الرياضي المجاني، تشجيع القراءة الحرة ومنح الطلاب الكتب والمجلات للإطلاع والاهتمام بآخر المستجدات، وذلك عبر المكتبات المتنقلة في الأحياء الشعبية، وفتح نظام الاستعارة للكتب وقصص الأطفال.. وتشجيعهم على الخوض في ألعاب الشطرنج وكرة القدم وكرة السلة في الأحياء الشعبية عبر السلطات المحلية ممثلة بعقلاء الحارات، من أجل تشجيع الأعمال الرياضية والفكرية للأطفال والشباب.
كيف نحمي أبنائنا ونظهر لهم محبتنا
في الواقع أنّ جميع الأطفال منذ نعومة أظافرهم بحاجةٍ ماسةٍ للرعاية من قبل الأب والأم، فإنّ بعض أنواع الحرمان الحسي ـ كالنقص في الملامسة والهدهدة من قبل الأم ـ ينتج عنه نموًا ناقصًا أو متضررًا للأجهزة العصبية التي تتحكم في العاطفة.
إنّ الولد الذي لا ينال كفايته من المعانقة أو الاحتضان قد ينمو منطويًا على نفسه، منعزلاً أو متحفظًا، وقد قام فريق من علماء النفس بدراسة ميدانية على مجموعةٍ من الأطفال وتمت الدراسة على (400 طفل)، كما تمّ الدراسة على (94 رجلاً وامرأة) من أولياء الأمور لهؤلاء الأطفال، فقد وجد علماء النفس بعض النماذج المعبرة، فقد تبيَّن أنّ أولئك الذي كان لديهم آباء يتصفون بالدفء والعطف مالت حالهم إلى تكوين أفضل من حياتهم كراشدين، فقد كانت لديهم زيجات ناجحات، كونوا أسرًا مستقرة، وتمتعوا بعملهم وعززوا صداقات حميمة، وذكريات الدراسة أنّهم أظهروا حالة جيدة نفسيًا وشعورًا بالحيوية والرضا عن أنفسهم وعن حياتهم.
أما الأطفال الذين لديهم آباء وأمهات يصدون أولادهم قاسوا أصعب الأوقات في وقتٍ لاحق من حياتهم، من كل ناحية في العمل، في التوافق الاجتماعي وفي الحالة النفسية، وانتهت الدراسة إلى أنّ النقص في الدفء الأبوي قد يكون مزعجًا للأولاد على المدى الطويل أكثر من طلاق الوالدين، فهو يؤدي على إدمان الكحول أو الأعمال الإجرامية، ويكون هذا الطفل المرهف فريسة سهلة للعصابات أو الأعمال الإرهابية التي تحدث في أيامنا هذه حيث يقوم قادة هذه الخلايا الإرهابية باصطياد المراهقين الذين ينشؤون في الأسر الممزقة والأسر التي لا تحمي أبناءها وتراقب حركاتهم خارج المنزل.
إنّ رعاية الأطفال وغرس المحبة والأمان من قلوبهم تبدأ منذ الطفولة، لأنّ رعاية الأب والأم للطفل ضرورية، فكل ولد يحتاجُ إلى أب، فالأمهات يملن إلى أن يكن رقيقات هادئات مع أطفالهن، والآباء من ناحية أخرى عادةً ما يكونون أكثر مرحًا إذ يدغدغون أطفالهم أكثر من الأمهات ويتجاوب الأولاد مع هذه المعاملة الخشنة بصيحات وصرخات ابتهاج إذ يسترسلون في مرح ويلحون في طلب المزيد، وذلك استمرارًا للارتباط الذي ابتدأ عند الولادة.
إذن كم هو مهم بالنسبة للأم والأب - كليهما - أنْ يتعاونا على تقوية عَلاقة المحبة هذه، هذا الارتباط والاتصال بينهما والولد خلال سنوات التكوين الأولى، فتلكن هناك قوةً من المعانقات والقبلات من الوالدين كليهما، وهذا يتطلب من الآباء والأمهات الاستمرارية في رعاية أطفالهم حتى يبلغوا سن الرشد، وعدم التعامل مع الولد المراهق أو البنت المراهقة بقسوة أو غضب، وعليهم شرح ظروف الحياة والعمل إذا تغير في الأسرة، حتى يفهم الأبناء ظروف الآباء المادية إذا تغيرت أو ساءت الأمور، كما يجب تشجيع الأولاد للتعبير عن نفوسهم والكشف عن مشاكلهم التي تعترض طريقهم بوضوح حتى يسهل حلها، هناك العديد من المشاكل يعانيها المراهقون من الأولاد مثل أصدقاء السوء أو الانجراف مع العصابات التي قد تقودهم للسرقة عن طريق الابتزاز أو الأعمال الإجرامية، لذا على الآباء ضرورة متابعة أبنائهم والسؤال عنهم في المدرسة أو الجامعة والسؤال عن أحوالهم والمشاكل التي يتعرضون لها.
إنّ رعاية وحماية الطفل والولد المراهق يتطلب من الآباء والأمهات الاهتمام الكبير وأن يجعلوا من أبنائهم شغلهم الشاغل، وأن يتساءلوا عن حالهم في المدرسة ومن هم أصدقاؤهم، واهتمامهم هذا يعكسُ مستوى رفيعًا من الالتزام تجاه الابن، وهم أيضًا ليسوا خائفين من مجابهة هذا الابن، ويجب أن ننتبه إلى أهمية الوقت، فعامل الوقت عامل ضروري للرعاية وحماية أبناؤنا، وأنْ نملئ قلوبهم بالمحبة التي لا توزن ولا تـُقاس ولا توزع حصصًا.. إنّ علماء النفس يؤكدون حول أهمية التغذية الصحيحة للطفل منذ سن مبكر أو في السن التقليدي، حتى ينشأ الطفل ويتربى تربية صحيحة.
ومن المآثر القديمة :
قيل لإعرابي :
صف ابنك !
قال الإعرابي : وُلد الناس أبناء.. وولدته أبًا يُحسنُ ما أحسن.. ولا أحسن ما يُحسن.
هكذا نظر أجدادنا إلى أبنائهم نظرة تقدير ومحبة.. بل نظرة تجعلهم مشاركين في صنع الحياة.. يعملون، ويحاربون.. ويصاحبون القوافل .. وأحيانًا يحكمون ويشاركون الكبار في الرأي والتفكير.
ولن أخوض كثيرًا في تقدير هذه النظرة، فهي لا تحتاج على تأكيد.. ومن ثمّ اجتهد الكبار على مرِّ التاريخ في تربية الصغار وتثقيفهم.
وقد توقف الباحثون أمام تراث الحكم والمواعظ التعليمية لدى الحضارات القديمة، كما يذكر التاريخ تلك الكتب التي كتبت للصغار باللاتينية في القرن السابع.. ومن قبل ذلك بمئات السنين وجدت رسائل الآباء إلى الأبناء، كما وجدت تعاليم ونصائح الحكماء للأبناء.. وتقاسم التعبير عنها الشعر والنثر وأدت دوراً خطيراً في تكوين شخصية الصغير.
إنّ الاهتمام بتربية الطفل ورعايته يتطلب منا أيضاً، الاهتمام الكافي بأدب الطفل حتى نزرع لديه الرغبة في قراءة الكتب والاطلاع على المعلومات الهامة التي تفيده في حياته المستقبلية.
الاهتمام برعاية الطفل وتشجيعه على قراءة الكتب العلمية والثقافية
إنّ الاهتمام برعاية الطالب وتشجيعه على قراءة الكتب من أجل رفع مستوى التذوق الجمالي لديه، نجد أنفسنا قد ساعدنا الطفل في تعدد إبداعاته ومواهبه بين الثقافة العامة والخيال العلمي والقصة والشعر والنثر.. في مجالات جادة للحاق بالعصر ومتغيراته، ويمكننا تصنيف الاهتمامات الرئيسية في أدب وثقافة الطفل أهمها :
- قصص الأطفال والحواديث أو الحكايات التي ترويها الجدات للأطفال من سن 3 - 6 سنوات مثل حكاية سندريللا والأقزام السبعة، قصص سندباد البحري وقصص علي بابا والأربعين حرامي، وغيرها من الحكايات الشيقة التي يحبها الأطفال الصغار.
- كتب السير التي تتناول الشخصيات البطولية والتاريخية والشخصيات التي تتطرق لها السير التي يدرسها الطلاب في المراحل التعليمية الابتدائية والإعدادية والثانوية ومنها الشخصيات التاريخية التي يدرسها في كتب التاريخ والتربية الإسلامية.
- كتب الخيال العلمي.. التي تجسد خيال والأحلام الإنسانية في غزو الفضاء والغوص في أعماق البحار وغيرها.
- كتب الشعر والموسيقى والأغاني والمسرحيات الشعرية وغيرها.
إنّ تشجيع الطفل على القراءة والبحث يُساعد على التنمية لطاقات الطفل حتى يصبح قادرًا على تطوير مجتمعه وتشجيع الابتكار والنقد لدى الأطفال.. بحيث نربيهم على القيم الإنسانية وحب الوطن وعمل الخير والحفاظ على سلامة المجتمع وحمايتهم من الإرهاب والدمار.
من طرف احمد عرفة 2015-07-17, 08:01
موضوع: الاهتمام بتربيه الاطفال 
