اللمسة الأولى : إلى كل زوجين
إلى كل زوجين نعما بالطاعة معا في شهر رمضان ، و أخذا من رمضان زادا لبقية
العام .. استمروا على طاعتكم.
وإلى كل زوجين أتيحت لهما الفرصة في شهر رمضان للتقارب العاطفي ، و شاع
في واحتهما الحب والمودة ، وظهرت في حياتهما الكلمات الرومانسية التي ظلت
غائبة لفترات طويلة ، والابتسامة التي طال انتظارها أياما كثيرة .. استمرا في
حياتكما على ذلك .
ولتجعلا من العيد ، فرصة للتقارب والتواصل الاجتماعي بينكما وبين الأهل
والجيران ، فكما تقول د.ناهد رمزي (1):"على الزَّوْجَيْنِ أن يجعلا من أيام العيد
مجالًا رحبًا، واستثمارًا جيدًا لنشر بذور المحبة والاستقرار، من خلال الاتفاق على
الأقارب الذين سيقومون بزيارتهم، والأماكن الترفيهية التي سيترددون عليها للترويح
عن أولادهم، فالعيد فُرْصَةٌ مُنَاسِبَةٌ لتجديد أواصر المحبة والتواصل بين الأزواج،
وليس للخلاف والشقاق بينهما؛ بأن يذهب كُلُّ زوج لأهله، بعيدًا عن الآخر، ويقتسما
الأطفال بينهما، فليس هذا هو العيد؛ لأن الهدف من هذا اليوم هو لم شمل الأسرة،
وليس تشتيتها وتفريقها" .
اللمسة الثانية : إلى كل من يحمل هم الأمة
برغم كل ما يحيط بأمتنا من المآسي ، واحتلال الكثير من أراضيها ، و استباحة
مقدساتها من قِبل أعدائها وخير دليل على ذلك استمرار حصار غزة ، ولكن برغم
من ذلك كله سنبتسم !
وبرغم أننا نرى الكثير من أبناء أمتنا قد تركوا التمسك بتعاليم دينهم ، و أصبح همهم
الشاغل هو طلب الدنيا لكننا أيضا سنبتسم !
وبالرغم من أننا نرى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة ، و كذلك ارتفاع الأسعار في
العالمين العربي والإسلامي وهذه السنون العجاف التي تحصد العشرات بل المئات
من أبناء الأمة وانظر إلى تجويع الصومال المتعمد ، لكننا أيضا سنبتسم !
وبالرغم من أننا نرى أن أمتنا قد تركت موقعها القيادي والريادي التي كانت تتبوؤه
منذ انتشار الإسلام ، وأصبحت الآن في ذيل الأمم ، وأصبحت تقتات وتعتمد على ما
يصدره لها الغرب لتعيش عليه ، لكننا أيضا سنبتسم .
وبرغم تباطؤ النصر الذي طال انتظارنا له ، حتى أصبح الناس يتساءلون " متى
نصر الله " ؟ إلا أننا سنبتسم وتملؤنا الثقة بأن نصر الله قريب .
سنبتسم ؛ لأنه عيد الفطر ، ويوم توزع فيها الجوائز من رب العباد على من أحسن
الصيام والقيام .
سنبتسم ؛ فلربما تولِّد فينا البسمة أملا يدفعنا إلى العمل .
سنبتسم حتى لا يدب اليأس إلى قلوبنا ، لأن المؤمن لا يجد اليأس إلى قلبه سبيلا لأنه
يعلم أن القرآن يضع اليأس في مرتبة الكفر " لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ
الْكَافِرُونَ "(2)، و يجعل القنوط دليلا على الضلال . قال تعالى : " قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ
مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ "(3).
سنبتسم ولكننا لن ننسى إخواننا من الدعاء . سنظهر الفرحة بالعيد ، ونخفي الألم
لواقع المسلمين الأليم في قلوبنا. فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب ويرغب في
أن يظهر المسلمون السرور والبشر والسعادة وممارسة بعض الألعاب الترفيهية
والإنشاد والغناء في ذلك اليوم كما نصت الروايات الصحيحة في البخاري ، بل وتعم
الفرحة جميع بيوت الصحابة مع أول عيد في المدينة في السنة الثانية للهجرة ، و بعد
مدة قصيرة من الزمن من إخراجهم من ديارهم بمكة وأبنائهم وأموالهم . وعن هشام
بن عروة عن أبيه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صافَّ المشركين يوم
الخندق،قال: وكان يوماً شديداً لم يلقَ المسلمون مثله قطّ، قال: ورسول الله صلى الله
عليه وسلم جالس، وأبو بكر معه جالس، وذلك زمانَ طَلْعِ النخل، قال: وكانوا
يفرحون به إذا رأوه فرحاً شديداً ؛ لأنّ عيشهم فيه، قال فرفع أبو بكر رأسه فبصُرَ
بطَلْعَةٍ وكانت أول طَلْعة رُئِيت، فقال هكذا بيده: طلعةٌ يا رسول الله من الفرح، قال:
فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبسم وقال: "اللهم لا تنزع منا صالح ما
أعطيتنا أو صالحاً أعطيتنا ". (4) " فهذا فرحٌ نبويٌّ برزق الله.. يفرحُ النبيّ صلى
الله عليه وسلم بظهور طلعةِ نخلٍ، ويتبسّم بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، ويقرُّ
أبا بكر على فرحتِهِ، مع أنّ الأحزاب يحيطون بالمدينة.. لم يقل عليه الصلاة
والسلام: مه يا أبا بكر ! كيف تفرحُ بنخلةٍ والإسلامُ محاصرٌ، وجيوشُ الكفر على
الأبواب؟!! ". (5)
اللمسة الثالثة : لكل الباحثين عن مجالات الخير
ابحثوا عن اليتامى الذين لا عائل لهم و خففوا عنهم وواسوهم في يوم العيد رغبة في
الثواب ، فقد قال صلى الله عليه وسلم :" أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ في الْجَنَّةِ هَكَذَا "وَأَشَارَ
بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى ، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا. (6)
و تلمسوا أحوال الفقراء والمساكين و قدموا لهم ما يمنعهم من السؤال و يغنيهم عن
الطلب في يوم العيد ، فبذلك أمرنا الله تعالى " فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ
السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ". (7)
و لنمد جسور التواصل مع جيراننا في أيام العيد ، ولنكن من خير الجيران ،كما قال
صلى الله عليه وسلم : " خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ الله تَعَالَى خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ ، وَخَيرُ الجِيرَانِ عِنْدَ الله تَعَالَى خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ ". (