المبتدعون مخلصون في ابتداعاتهم، يتقربون لله بالبدعه، والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول : ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) يتقربون من الله بما لم يشرعه لعباده، شرعوا في الدين
بما أبدعوه، فهم مخلصون في هذه الزيادات، وفي هذه الغلوات في الدين، لا يكفي الإخلاص
وحده. كثير من هؤلاء آفتهم ليست في إخلاصهم ولا في ضمائرهم، ولكن في عقولهم
وأفهامهم، الآفة ليست في النفوس وإنما في الرؤوس، مشكلتهم أنهم لم يفقهوا دينهم، النبي عليه
الصلاة والسلام، قال عن أسلافهم من قديم، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، أي لا يتعمق
قلوبهم ولا في أعماق نفوسهم. الخوارج قديماً كانوا من أعبد الناس لله، كانوا صواماً قواماً يقوم أحدهم ليله يقرأ القرآن، ولكنهم كانوا يدعون أهل الأوثان ويقتلون أهل الإسلام، يستحلون دماء الناس وأموالهم، ولذلك جاء فيهم الحديث، كما قال الإمام أحمد صح فيهم
الحديث من عشرة أوجه كلها تذمهم وتحذر منهم (لا يحقر أحدكم صلاته إلى صلاتهم ، وقيامه
إلى قيامهم، وقرائته إلى قرائتهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية) لهم قراءة وقيام وصلاة وسلام، ولكنهم يمرقون من الدين، لماذا؟ لأنهم
استحلوا دماء المسلمين وأموالهم، حتى أنهم كفروا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فارس
الإسلام، الابن البكر للإسلام، أحلوا دمه وقتلوه، وقال قائلهم يمدح قاتل علي:
يا ضربة من تقي ما أراد بها إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إني لأذكره يوما فأحسبه أوفى البرية عند الله ميزانا.
يعتبر قاتل علي أوفي الناس ميزاناً عند الله، ما أراد من هذه القتلة إلا أن يبلغ من ذي العرش
رضواناً، أراد بها رضوان الله، الذين يقتلون الناس تديناً، ولا يفرقون بين بريء ومسيء، بعض