أخي التائب ..
إن كنت تريد الخلاص من مشكلة العودة للذنب من بعد توبة،فمثل نفسك في زاوية من زوايا جهنم – اللهم قنا عذاب جهنم – وأنت تبكي أبداً . .
أبوابها مغلقة ، سقوفها مطبقة ، وهي سوداء مظلمة ، لا رفيق تستأنس به ، لا صديق تشكو إليه ، لا نوم يريح ،لا نفس ، ولا موت يقضي على العذاب . .
قال كعب : "والله إن أهل النار يأكلون أيديهم إلى المناكب من الندامة" .
قال الله تعالى : {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ} [الفرقان : 27] يعني من الندامة على تفريطهم وما يشعرون بذلك .
يا مطروداً عن الباب . .
يا مضروباً بسوط الحجاب . .
لو وفيت بعهودنا . .
ما رميناك بصدودنا ..
لو كاتبتنا بدموع الأسف
لعفونا لك عن كل ما سلف . .
انظر إلى وعيد ربك . . توعد الله أعظم الوعيد لمن رضي بالحياة واطمأن بها ،وغفل عن آياته ، ولم يرج لقاءه .
فقال الله جل جلاله : { إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [يونس : 7 ، 8] .
وفى اليقين بالوعيد يقول ابن القيم :
" ومدار السعادة وقطب رحاها على التصديق بالوعيد . . فإذا تعطل من قلبه التصديق بالوعيد خَرِب خراباً لا يرجى معه فلاح البتة "
اليقين إذا عمر به القلب وامتلأ به ، استنار القلب؛ فيرى ويبصر وبذلك يعيش . .
إن أشد ما يعانيه أهل عصرنا عمى القلب - إي والله - . إن أحدنا إذا ضعف بصره شيئا ، حزن حزنا شديدا ، وهرع لمن يصنع له نظارة تكمل ما افتقد من بصره ، وأكثرنا -إلا من رحم الله- قد عمي قلبه ، وهو لا يعلم ، فلا يعمل على أن يعيد بصره قلبه . .
اللهم ارزقنا بصيرة في قلوبنا يا رب .
المقصود أيها الإخوة . . إن معنى التصديق بالوعيد حصول اليقين؛أن يصير هناك يقين في القلب . . فإذا خلا القلب من التصديق بالوعيد . . خرب خرابا لا يرجى معه فلاح البتة .
إن الآيات والنذر تنفع من صدق بالوعيد، وخاف عذاب الآخرة .. هؤلاء هم المصدقون بالإنذارالمنتفعون بالآيات دون من عداهم.
قال تعالى : {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآَخِرَةِ}[هود :103] .
قال تعالى :{ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا}[النازعات :45].
وقال تعالى:{فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} [ق :45].
فأخبر سبحانه أن أهل النجاة في الدنيا والآخرة هم المصدقون بالوعيد الخائفون ، كما أنهم الممكنون في الأرض .
قالى تعالى : { وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ } [ابراهيم :14].
فإن الله تهدد وتوعد{لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا{ [النساء :123].
(تعظيم الله - معرفة النفس - تصديق الوعيد)
تذيب جليد البرود.. وتثمر الندم على ما فات.. وتثبت التائب على توبته بإذن الله
اللهم تب علينا توبة نصوحا
وصلى الله على نبينا محمد وآله
والحمد لله رب العالمين