ما أتعسة من إحساس
مررت عليه يوماً فوجدته شارد الذهن شاحب الوجه تبدو عليه علامات الأسى
والحزن ويبدوا وقد أضيف لعمرة عشرين عاماً فوق عمرة
فقلت له : مابك ياصديقى
فقال : الهواجس تكاد أن تفترسنى *** وإحساسى بالقلق يكاد أن يقتلنى
قلت : خيراً إن شاء الله
قال : إبنى خرج ولم يعد حتى الأن
قلت: منذ متى ؟ قال : من أمس وقضى ليلته كامله خارج البيت ولم يعد حتى الأن
قلت : ألم يترك أى رساله قال: لا قلت : ألم يفعل مثل هذا قبل ذلك قال: أبداً
قلت : إحكى لا ماذا حدث بالأمس قال : إستيقظت صباحاً على وجه المشرق وتناولنا
سوياً قهوة الصباح وقلت أنا ذاهب لعملى وقال وأنا سأخرج لبعض حاجاتى وسأعود
ونلتقى فى السادسة مساءً ** وعدت أنا ولم يعد هو حتى الأن
قلت: أوأغضبته ؟ قال : كيف أغضبه وأنا أحمل له كل هذا الحب قلت: ربما تكون قلت
شئ دون قصد أغضبه قال : ربما لا أدرى
قلت : أتعرف الأماكن التى يتردد عليها ؟ قال : لا أعرف له إلا مكان واحد يتواجد فيه
دائماً 0 قلت : أين هذا المكان ؟ وهل بحثت عنه هناك ؟ قال : إنه مقهى فى أول شارعنا يلتقى فيه بأصدقائه ** وذهبت إلى هذا المقهى أكثر من مئة مرة وبحثت فى
كل جوانبه ولكنى لم أجد له أثراً *** فماذا أفعل ؟! لقد شل تفكيرى ولا أعرف كيف أجده ؟ قلت : إطمئن سيعود بإذن الله تعالى0
قال : مايهمنى الأن ليس عودته مايهمنى هو أن أطمئن عليه أولاً أريد أن أعرف فقط
أنه بخير وبعدها ليفعل مايريد **** فقط أريد أن أطمئن على فلذة كبدى ** أريد أن أضع حداً لهذه الهواجس التى تكاد أن تذهب بعقلى *** أريد أن أخرج من هذا الإحساس التعيس بالقلق0
بعدها ليعود أو لايعود فهذا شأنه لن أجبره أبداً على العودة فبيتى
مفتوح له بإستمرار وهو الوحيد الذى سلمت له مفتاح بيتى ليدخل ويخرج كيفما يشاء
بيتى هو قلبى هذا هو مكانه الذى يسكن فيه
فيابنى إرحم بيتك إرحم قلبى الذى ينفطر من القلق عليك إرحمنى يابنى فقط طمئنى
عليك أهذا كثيراً على ؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
فلم أدرى ماذا أقول له *** ولم أملك إلا الدعاء له بأن يطمئن على إبنه
وتمنيت أن أقابل إبنه لأصف له كم يحبه أبيه وكم يحمل له فى قلبه من أحاسيس أكبر من أن توصف بكلمات وأوصيه أيضاً بأبيه خيراً *** فمثل هذا الحب لا يقابل إلا بحب
مثله0
وفى اليوم التالى مررت عليه فوجدت حالته أسوأ من الأمس بكثير
فقلت: أولم يعد؟ قال: لم يعد وأخرج من قلبه ظفرة تكاد أن تحرق الدنيا من حولنا
ساعتها شعرت بمدى الحرقة داخله وكم اللهيب الذى يلتهم قلبه0
فقلت فى نفسى ما أتعس هذا الإحساس!!!!! إنه لإحساس مر بل مرير إنه إحساس
حارق بل قاتل
ولم أملك إلا أن دعوت له ودعوت أن لايصاب أحد بهذا الإحساس التعيس أبداً
واليوم مررت عليه فوجدت حالاً غير الحال وجدت وجهاً مشرقاً يفيض منه النور والبشر وتكاد السعادة تخرج من بين قسمات هذا الوجه الطيب
فقلت: أكيد أنه عاد أليس كذلك؟ قال : نعم
قلت : ماذا حدث
قال : ليس مهم !!! المهم عندى هو أنه بخير وهذا فقط هو مايهمنى
ولم أجد ماأقوله فبعد كلماته لاشئ يمكن أن يقال
قلت حمداً لله على سلامته وإنصرفت وتركته يسبح فى بحر من السعادة
بعودة حبيبة ودعوت فى قلبى (( اللهم لاتحرم حبيب من حبيبة *** اللهم أمين *** ))