فارس الاحلام عضو ذهبى
عدد المساهمات : 171 نقاط : 5002 التقييم : 1 تاريخ الميلاد : 10/03/1994 تاريخ التسجيل : 27/10/2011 العمر : 30 تعاليق :
إن شعرت إن الدنيا أصبحت سجنا لانفاسك
وان الساعات لا تعني إلا مزيدا من ألم
وأن كل شئ أصبح موجعا ..
ارسم على وجهك ابتسامة من قهر واسكب من عينك دمـعـة مـن فرح
| موضوع: رجال صنعوا التاريخ الاسلامى 2011-10-28, 00:03 | |
| هذاالموضوع ما سابدا به فى هذا المنتدا الغالى اما بعد اصبح العصر غير العصر واصبح الزمن غير الزمن واصبح البشر غير البشر اصبحنا نلهو ونلعب ولا نعبأ للاخرة مثقال ذره اصبحنا نفل المحظورات والمحرمات فى عرض الشارع ولا ننظر لهؤلاء البشر الذين ضحوا بحياتهم من اجل رفعة الاسلام والمسلمين اخوانى واخواتى لابد لنا من قدوه نقتدى بها وفى العصر الحالى لا توجد اى قدوة ممكن ان نتأثر بها او نقتفى اثرها بثقه لذا كان لزاما عليا ان اجد من يجب علينا ان نقتدى بهم هؤلاء هم صحابة رسول الله وبعد الرسول صلى الله عليه القدوة الكبرى لنا جميعا اتمنى ان يشاركنى الجميع فى عرض اى نبذه عن اى شخصيه اسلاميه تأثر بها وتركت اثرا فى نفسه
فيجب ان نستفيد جميعا حيث قال صلى الله عليه وسلم لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن اربع : عن عمره فيما افناه , و عن علمه ما فعل به, و عن ماله من اين اكتسبه و فيما انفقه , و عن جسمه فيما ابلاه " فيجب عليك الا تكتم هذا العلم عنا وان تأتينا به كى نستفيد وسأبد بحبيب الخلق وسيدهم خير خلق الله جميعا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومع علمى انه اذا تحدثنا عن الرسول فلن تكفينا ملايين المجلدات والكتب ولكنى سأقدم نبذات مختصره عن حياته وجهاده صلى الله عليه وسلم ثم بعد ذلك من بعده العشرة المبشرين بالجنه رضوان الله عليهم وبعد ذلك الصحابة وزوجات الرسول والصحابيات وذرية المصطفى صلى الله عليه وسلم وبعض الائئمه رحمه الله جميعا وادخلهم فسيح جناته انا عارف ان الموضوع هيطول لكن هبدا فيه وان شاء الله ربنا يوفقنا واكمله وان شاء الله يكون مرجع كامل ارجوو التثبيت تقبلوا فائق احترامى وتقديرى
| |
|
فارس الاحلام عضو ذهبى
عدد المساهمات : 171 نقاط : 5002 التقييم : 1 تاريخ الميلاد : 10/03/1994 تاريخ التسجيل : 27/10/2011 العمر : 30 تعاليق :
إن شعرت إن الدنيا أصبحت سجنا لانفاسك
وان الساعات لا تعني إلا مزيدا من ألم
وأن كل شئ أصبح موجعا ..
ارسم على وجهك ابتسامة من قهر واسكب من عينك دمـعـة مـن فرح
| موضوع: رد: رجال صنعوا التاريخ الاسلامى 2011-10-28, 22:28 | |
| الرسول صلى الله عليه وسلم
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب يؤمن المسلمون أنه آخر الأنبياء وخاتم المرسلين ,ولم يرسل إلى قوماً بعينهم بل أُرسل للناس كافة. وُلد في مكة في يوم الاثنين الموافق 12 ربيع الأول في عام يقال له عام الفيل الموافق يوم 22 إبريل سنة 571م نسبه هو رسول الله صلى الله عليه و سلم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر(وهو الملقب بقريش) بن عدنان بن إسماعيل (علية السلام) بن إبراهيم (علية السلام),فهو من نسل نبي الله إسماعيل بن نبي الله إبراهيم أبو الأنبياء (عليهم السلام) ,أما أمة فهى أمنة بنت وهب بن زهرة بن كلاب وهى تعد أفضل امرأة فى قريش نسباً وموضعاً, فهو عربي قرشي تعرف أسرته بالأسرة الهاشمية نسبة إلى جده هاشم بن عبد مناف وكانت من أعظم أسر العرب وذات مكانة عالية
نشأته نشأ (صلى الله علية وسلم) بشعب بنى هاشم بمكة يتيماً فقد مات والدة عبد الله قبل ولادته بقليل ,واختار له جدة اسم محمد وهذا الاسم لم يكن معروفاً فى العرب, وقد كانت العادة عند العرب أن يلتمسوا المراضع لأولادهم ابتعاداً لهم عن أمراض الحواضر ,ولتقوى أجسامهم ,وتشتد أعصابهم ,ويتقنوا اللسان العربى فى مهدهم فاسترضع لة جدة امراة من بنى سعد تسمى حليمة السعدية وقد عاش فى بنى سعد حتى سن الرابعة من مولدة حتى حدثُ بما يعرف بحادثة شق الصدرفخشيت علية حليمة بعد هذة الوقعة حتى ردتة إلى أمة فكان عند أمة حتى بلغ ست سنين وقررت أمنة أن تزور قبر زوجها فخرجت من مكة إلى المدينة المنورة مع ولدها اليتيم محمد وخادمتها وبينما هى راجعة إذ لحقها المرض فى أوائل الطريق حتى ماتت ,وأنتقل محمد( صلى الله علية وسلم) ليعيش مع جدة عبد المطلب لعيش يتيم ألاب والام وكانت مشاعر الحنو لدى عبد المطلب تربو نحو حفيدة اليتيم ولثمانى سنوات توفى جدة أبو طالب بمكة ورأى قبل وفاتة أن يعهد بكفالة حفيد إلى عمة أبو طالب شقيق أبية ونهض أبو طالب بحق ابن أخية على أكمل وجة,وكان محمد فى بداية شبابة يرعى غنماً رعاها فى بنى سعد,وفى مكة لاهلها على قراريط ثم أنتقل إلى عمل التجارة حين شب.
زواجه بخديجة اول زواج لمحمد بن عبد الله كان بخديجة بنت خويلد, امرأة تاجرة ذات شرف ومال,تستأجر الرجال فى مالها,وتضاربهم بشىء تجعلة لهم,وكانت قريش قوماً تجاراً,فلما بلغها عن محمد (صلى اللة علية وسلم)ما بلغها من صدق حديثة,وعظم أما نتة وكرم أخلاقة بعثت إلية ,وتعطية أفضل ما كانت تعطى غيرة من التجار,ولما رجع إلى مكة ,ورأت فى مالها من المانة والبركة مالم تر قبل هذا ,وجدت ضالتها المنشودة وكان الرؤساء والسادات يحرصون على زواجها فترفض فتحدثت بما فى نفسها إلى صديقتها فذهبت تفاتحة أن يتزوج خديجة فرضى بذلك ,وتم الزواج وكان سنها إن ذاك أربعين سنة ,وهى أول امرأة تزوجها ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت وكل أولادة منها سوى إبراهيم ومات البنين كلهم فى صغرهم ,اما البنات فكلهن أدركن الاسلام فأسلمن وهاجرن,إلا أنهن أدركتهن الوفاة فى حياته سوى فاطمة الزهراء فقد ماتت بعدة بستة أشهرمن وفاته.
النبوة والعهد المكى كان الشرك وعبادة الاصنام أكبر مظهر من مظاهر دين أهل الجاهلية من قريش والجزيرة العربية قبل بعثة محمد(صلى الله علية وسلم)حيث كانوا يعكفون عليها و يلتجئون بها ويستغيثون فى الشدائدويدعونها لحاجتهم معتقدين أنها تحقق لهم ما يريدون بالاضافة إلى إنتشار الرذائل مثل الزنا وشرب الخمركما أن الجزيرة العربية قبل بعثة محمد كانت مجموعة من القبائل المتناحرة والمتباغضة يأكل القوى فيهم الضعيف
غار حراء لما تقارب محمد(صلى الله علية وسلم) سن الاربعين كانت تأملاتة الماضية قد وسعت الشقة العقلية بينة وبين قومة ,وحبب إلية الخلاء,فكان يأخذ الماء و السويق,ويذهب إلى غار حراء على بعد نحو مياين من مكة فيقيم فية شهر رمضان ويقضى وقتة فى العبادة والتفكر فيما حولة من مشاهد الكون وفيما وراءها من قدرة مبدعة,وهو غير مطمئن لملئ علية قومه من عقائد الشرك ,ولكن ليس لدية طريق واضح ,ولامنهج محددولا طريق قاصد يطمئن إليه ويرضاه و كان اختياره لهذه العزلة طرفاً من تدبير الله عز وجل له، وليكون انقطاعه عن شواغل الأرض وضَجَّة الحياة وهموم الناس الصغيرة التي تشغل الحياة نقطة تحول لاستعداده لما ينتظره من الأمر العظيم، فيستعد لحمل الأمانة الكبرى وتغيير وجه الأرض، وتعديل خط التاريخ... دبر الله له هذه العزلة قبل تكليفه بالرسالة بثلاث سنوات، ينطلق في هذه العزلة شهرًا من الزمان، مع روح الوجود الطليقة، ويتدبر ما وراء الوجود من غيب مكنون، حتى يحين موعد التعامل مع هذا الغيب عندما يأذن الله.
جبريل يتنزل بالوحى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه جبريل فقال: اقرأ: قال: (ما أنا بقارئ)، قال: (فأخذنى فغطنى حتى بلغ منى الجهد، ثم أرسلنى، فقال: اقرأ، قلت: مـا أنـا بقـارئ، قـال: فأخذنى فغطنى الثانية حتى بلـغ منـى الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة، ثـم أرسلـني فـقـال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ}[العلق:1: 3])، فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد فقال: (زَمِّلُونى زملونى)، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة: (ما لي؟) فأخبرها الخبر، (لقد خشيت على نفسي)، فقالت خديجة: كلا، والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقرى الضيف، وتعين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة إلى ورقة بن نوفل وكان قد تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبرانى، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخًا كبيرًافأخبره( رسول الله صلى الله عليه وسلم) خبر ما رأي، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزله الله على موسى.وقد جاءة جبريل مرة أخرى جالس على كرسي بين السماء والأرض،ففرمنه رعبًا حتى هوي إلى الأرض] فذهب إلى خديجة فقال: [زملوني، زملوني]، دثرونى، وصبوا على ماء باردًا)، فنزلت: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 1: 5]) وهذه الآيات هي مبدأ رسالته صلى الله عليه وسلم ثم بدأ الوحى ينزل ويتتابع لمدة ثلاثة وعشرون عاماً حتى وفاتة.
الدعوة كانت الدعوة في بدء أمرها سرية لمدة ثلاث سنوات, حيث إن قومه كانوا جفاة لا دين لهم إلا عبادة الأصنام والأوثان،ولاأخلاق لهم إلا الأخذ بالعزة ، ولا سبيل لهم في حل المشاكل إلا السيف،وممن سبق إلى الإسلام أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، ومولاه زيد بن حارثة,وابن عمه علي بن أبي طالب وكان صبيًا يعيش في كفالة الرسول صلى الله عليه وسلم وصديقه الحميم أبو بكر الصديق. أسلم هؤلاء في أول يوم الدعوة.لما تكونت جماعة من المؤمنين تقوم على الأخوة والتعاون، وتتحمل عبء تبليغ الرسالة وتمكينها من مقامها نزل الوحى يكلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعالنة الدعوة.
الاضطهادات أعمل المشركون الأساليب شيئًا فشيئًا لإحباط الدعوة بعد ظهورها في بداية السنة الرابعة من النبوة، ,,ومن هذة الاساليب السخرية والتحقير، والاستهزاء والتكذيب والتضحيك, إثارة الشبهات وتكثيف الدعايات الكاذبة و قالوا عن النبي صلى الله عليه وسلم: إنه مصاب بنوع من الجنون، وأحيانا قالوا: إن له جنًا أو شيطانًا يتنزل عليه كما ينزل الجن والشياطين على الكهان,وكانوا يعملون للحيلولة بين الناس وبين سماعهم القرآن،ومعظم شبهتهم كانت تدور حول التوحيد، ثم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم بعث الأموات ونشرهم وحشرهم يوم القيامة وقد رد القرآن على كل شبهة من شبهاتهم حول التوحيد، ولكنهم لما رأوا أن هذه الأساليب لم تجد نفعًا في إحباط الدعوة الإسلامية استشاروا فيما بينهم، فقرروا القيام بتعذيب المسلمين وفتنتهم عن دينهم، فأخذ كل رئيس يعذب من دان من قبيلته بالإسلام، والحاصل أنهم لم يعلموا بأحد دخل في الإسلام إلا وتصدوا له بالأذى والنكال,حتى أنهم تطاولوا على النبى محمد وضربوة فى مرات عديدة إلا أن كل ذلك كان لايزيد النبى وأصحابة إلا قوة وإيماناً,ومما زاد الامر سواً أن زوجتة خديجة وعمة أبو طالب يموتان فى عاماً واحد وسمى هذا العام بعام الحزن وكان ذلك فى عام 619م.
الإســراء والمعــراج فى عام 620م وبينما النبي صلى الله عليه وسلم يمـر بهذه المرحلة، وأخذت الدعوة تشق طريقًا بين النجاح والاضطهـاد، وبـدأت نجـوم الأمل تتلمح في آفاق بعيدة، وقع حادث الإسراء والمعـراج,حيث أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم بجسده على الصحيح من المسجد الحرام إلى بيت المقدس راكبًا على البُرَاق، صحبة جبريل عليهما الصلاة والسلام، فنزل هناك، وصلى بالأنبياء إمامًا، وربط البراق بحلقة باب المسجد. ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء فاستفتح له جبريل ففتح له، فرأي هنالك آدم أبا البشر، فسلم عليه، فرحب به ورد عليه السلام، وأقر بنبوته،ثم قابل فى كل سماء نبى مثل يحيى بن زكريا و عيسى ابن مريم ، يوسف، إدريس ,هارون موسى ,إبراهيم ثم عرج بة إلى الله الجبّار جل جلاله، وفرض الصلوات الخمس فى هذة الليلة.
الهجرة أصبحت الحياة فى مكة غاية فى الصعوبة وعلى درجة عالية من الخطورة حيث وصل الامر أن هناك عدة محاولات لاغتيال النبى محمد فبدأ صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه في المواسم إذا كانت على قبائل العرب يدعوهم إلى الله ويخبرهم أنه نبي مرسل ويسألهم أن يصدقوه ويمنعوه حتى يبين ( لهم ) الله ما بعثه به حتى سنة 11من النبوة فى موسم الحج وجدت الدعوة الإسلامية بذورًا صالحة، وكانوا ستة نفر من شباب يثرب وكان من سعادة أهل يثرب أنهم كانوا يسمعون من حلفائهم من يهود المدينة، إذا كان بينهم شيء، أن نبيًا من الأنبياء مبعوث في هذا الزمان سيخرج، فنتبعه، ونقتلكم معه .وعداالشباب النبى (صلى الله عليه وسلم) بإبلاغ رسالته في قومهم وكان من جراء ذلك أن جاء في الموسم التالي موسم الحج سنة 12 من النبوة، يوليو سنة 621م اثنا عشر رجلًا، التقى هؤلاء بالنبى صلى الله عليه وسلم عند العقبة فبايعوه بيعة عرفت ببيعة العقبة الاولى. وفى موسم الحج في السنة الثالثة عشرة من النبوة يونيو سنة 622م حضر لأداء مناسك الحج بضع وسبعون نفسًا من المسلمين من أهل المدينة،فلما قدموا مكة جرت بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم اتصالات سرية أدت إلى اتفاق الفريقين على أن يجتمعوا في الشعب الذي عند العقبة وأن يتم الاجتماع في سرية تامة في ظلام الليل وقد وفع الاتفاق على هجرة النبى محمد وأصحابة إلى المدينة المنورة وعرف ذلك الاتفاق ببيعة العقبة الثانية. وبذللك يكون الإسلام قد نجح في تأسيس وطن له ,وأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين بالهجرة إلى هذا الوطن وبدأ المسلمون يهاجرون وهم يعرفون كل ذلك، وأخذ المشركون يحولون بينهم وبين خروجهم,فخرجوا حتى لمْ يبق بِمكة ,ِإلا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وأَبو بكرٍ وعلي بن أبى طالب رضي اللهُ عنهما,هم المشرِكون بِرسول الله صلى الله عليه وسلم أَن يقتلوه، وَاجتمعوا عِند بابه، فخرج من بينِ أَيديهِم لم يره منهم أَحد، وترك علي رضي الله عنه ليؤدي الأَمانات التي عنده، ثمَّ يلْحق بِه. وذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلى دارِ أَبِي بكرٍ رضي الله عنه ، وكان أَبو بكرٍ قد جهز راحلتين للسفر، فأَعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أريقط، على أَنْ يوافيهِما في غارِ ثورٍ بعد ثلاث ليالٍ، وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأَبو بكرٍ إِلَى الغار، وَأَعمى الله المشرِكين عنهما،وفى يومِ الإِثنينِ العاشر من شهر رييع الأول سنة 622م دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ضحى، فخرج الأَنصار إِليه وحيوه بتحية النبوة.
العهد المدنى بناء مجتمع جديد أول خطوة خطاها النبى محمد صلى الله عليه وسلم هو بناء المسجد النبوي ، كماأن النبي صلى الله عليه وسلم بجانب قيامه ببناء المسجد,قام بعمل آخر من أروع ما يأثره التاريخ، وهو عمل المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، ومعنى هذا الإخاء أن تذوب عصبيات الجاهلية، وتسقط فوارق النسب واللون والوطن، فلا يكون أساس الولاء والبراء إلا الإسلامواستطاع بفضلها إيجاد وحدة إسلامية شاملة وبهذه الحكمة وبهذا التدبير أرسى رسول الله صلى الله عليه وسلم قواعد مجتمع جديد،وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتعهدهم بالتعليم والتربية، وتزكية النفوس، والحث على مكارم الأخلاق، ويؤدبهم بآداب الود والإخاء والمجد والشرف والعبادة والطاعة.
معاهدة مع اليهود كان أقرب من يجاور المدينة من غير المسلمين هم اليهود وهم وإن كانوا يبطنون العداوة للمسلمين، لكن لم يكونوا أظهروا أية مقاومة أو خصومة بعد، فعقد معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم معاهدة قرر لهم فيها النصح والخير، وترك لهم فيها مطلق الحرية في الدين والمال، ولم يتجه إلى سياسة الإبعاد أو المصادرة والخصام وذلك من أجل توفير الأمن والسلام والسعادة الخير للبشرية جمعاء، مع تنظيم المنطقة في وفاق واحد.
غزوة بدر كانت قريش تعتزم ,وتفكر في القيام بنفهسا للقضاء على المسلمين، وخاصة على النبي صلى الله عليه وسلم. ولم يكن هذا مجرد وهم أو خيال، فقد تأكد لدى رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكائد قريش وإرادتها على الشر ,في هذه الظروف الخطيرة التي كانت تهدد كيان المسلمين بالمدينة،أنزل الله تعالى الإذن بالقتال للمسلمين ولم يفرضه عليهم، قال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39]. وكان الإذن مقتصراً على قتال قريش، ثم تطور فيما بعد مع تغير الظروف حتى وصل إلى مرحلة الوجوب،في رمضان من السنة الثانية للهجرة خرج المسلمون بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعترضوا قافلة لقريش يقودها أبو سفيان، ولكن أبا سفيان غَيّرَ طريقه إلى الساحل واستنفر أهل مكة، فخرجوا لمحاربة المسلمين والتقى الجمعان في غزوة بدر في 17رمضان سنة اثنتين للهجرة. ونصر الله رسوله والمؤمنين رغم قلة عددهم وعدتهم فقد كانوا ثلاثمائة وسبعة عشر وكان المشركون أكثر من ألف وأثمرت نتائج النصر ثماراً كثيرة، فقد ارتفعت معنويات المسلمين وعلت مكانتهم عند القبائل التي لم تسلم بعد، واهتزت قريش في أعماقها وخسرت كبار أعمدة الكفر، وأخذت تعد للثأر والانتقام. وبينما كان المجتمع المسلم ينمو ويجتذب إليه بقية قبائل المدينة ومن حولها، كان مشركو مكة يعدون العدة لموقعة تالية. وخلال سنة تحققت للمسلمين في المدينة عوامل أمن خارجية وداخلية.
غزوة أحد اهتزت قريش بعد غزوة أحد في أعماقها وخسرت كبار أعمدة الكفر، وأخذت تعد للثأر والانتقام وفى 15 شوال من سنة 3للهجرة خرجت قريش بثلاثة آلاف مقاتل ومائتي فارس للانتقام من المسلمين وبلغ الخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج بالمسلمين إلى أحد وفي الطريق نكص رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول و ثلاثمائة من أتباعه وعادوا إلى المدينة وتابع المسلمون سيرهم إلى أحد ونزلوا في موقع بين جبل أحد وجبل صغير ووضع الرسول صلى الله عليه وسلم الرماة على جبل عينين وأمرهم أن لا يغادروا مواقعهم حتى يأمرهم بذلك مهما كانت نتيجة المعركة، وبدأت المعركة فحاول فرسان المشركين بقيادة خالد بن الوليد اختراق صفوف المسلمين من ميسرتهم فصدهم الرماة، وقتل عشرة من حملة لواء المشركين، وسقط لواؤهم ودب الذعر في صفوفهم وبدؤوا في الهرب، وتبعهم بعض المسلمين فاضطربت صفوفهم، ورأى الرماة هرب المشركين فظنوا أن المعركة حسمت لصالح المسلمين فترك معظمهم مواقعهم، ونزلوا يتعقبون المشركين ويجمعون الغنائم ولم يلتفتوا لتحذيرات قائدهم، واستغل خالد بن الوليد هذه الحال فتغيرت موازين المعركة، وانسحب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجموعة من الصحابة الذين التفوا حوله إلى قسم من جبل أحد وحاول المشركون الوصول إليه ففشلوا ويئسوا من تحقيق نتيجة أفضل فأوقفوا القتال.
غـزوة بني قينقـاع كان رسول الله حريصاً كل الحرص على تنفيذ ما جاء في المعاهدة التى عقدها مع اليهود عن دخولة المدينة،ولم يخالف حرفاً واحداً من نصوصها ولكن اليهود أخذوا في طريق الدس والمؤامرة والتحريش وإثارة القلق والاضطراب في صفوف المسلمين. وقد كانت لهم خطط شتي في هذا السبيل. فكانوا يبثون الدعايات الكاذبة، ولما رأوا أن الله قد نصر المؤمنين نصراً مؤزراً في ميدان بدر، وأنهم قد صارت لهم عزة وشوكة وهيبة في قلوب القاصي والداني اشتد طغيانهم، وتوسعوا في تحرشاتهم واستفزازاتهم، فكانوا يثيرون الشغب، ويتعرضون بالسخرية، ويواجهون بالأذي كل من ورد سوقهم من المسلمين حتى أخذوا يتعرضون بنسائهمروي ابن هشام عن أبي عون: أن امرأة من العرب قدمت بجَلَبٍ لها، فباعته في سوق بني قينقاع، وجلست إلى صائغ، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبت، فَعَمَد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها ـ وهي غافلة ـ فلما قامت انكشفت سوأتها فضحكوا بها فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله ـ وكان يهودياً ـ فشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع وحينئذ عِيلَ صبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسار بجنود الله إلى بني قينقاع فى 2هـ، ولما رأوه تحصنوا في حصونهم، فحاصرهم أشد الحصار ودام الحصار خمس عشرة ليلة فنزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في رقابهم وأموالهم ونسائهم وذريتهم، فأمر بهم فكتفوا وأمرهم أن يخرجوا من المدينة ولا يجاوروه بها، فخرجوا إلى أذْرُعَات الشام، فقل أن لبثوا فيها حتى هلك أكثرهم.
غزوة خبير أهل خيبر من اليهود هم الذين حزبوا الأحزاب ضد المسلمين، ثم أخذوا في الاتصالات بالمنافقين وكانوا هم أنفسهم يتهيأون للقتال، فألقوا المسلمين بإجراءاتهم هذه في محن متوصلة، حتى وضعوا خطة لاغتيال النبي صلى الله عليه وسلم، فى 7 هـ وإزاء ذلك اضطر المسلمون إلى بعوث متواصلة، وإلى الفتك برأس هؤلاء المتآمرين، واتجة رسول الله صلى الله عليه وسلمبالجيش الأسلامى نحو خبير حتى اختار لمعسكره منزلاً، أما اليهود فإنهم لما رأوا الجيش وفروا إلى مدينتهم تحصنوا في حصونهم، وكان من الطبيعي أن يستعدوا للقتال وفتح المسلمون هذة الحصون وهزموا اليهود هزيمة منكرة وسبي رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي بن أخطب ، التى أسلمت بعد ذلك وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فتح مكة كان محمد (ص) قد عقد صلحاً فى 628م مع المشركين لمدة 10 سنوات سمى بصلح الحديبية وفى السنوات الاولى للصلح دخل الناس بالآلاف فى الاسلام إلا أن المشركين قد نقضوا هذه المعاهدة بعد سنتين فقط من عقدهاوقاموا بقتل عدد من المسلمين داخل الحرم المكى وقد إستطاع واحد من المسلمين الذين نجوا من المذبحة أن يصل إلى رسول الله ويخبره بما حدث دون أن تدرى قريش بذلك ولا شك أن ما فعلت قريش وحلفاؤها كان غدراونقضاً صريحاً للميثاق،ولذلك سرعان ما أحست قريش بغدرها، وخافت وشعرت بعواقبه الوخيمة،وقررت أن تبعث قائدها أبو سفيان ممثلاً لها ليقوم بتجديد الصلح وخرج أبو سفيان حسب ما قررته قريش ثم خرج حتى أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه، فلم يرد عليه شيئاً، فرفض رسول الله ذلك وامر رسول الله بتجهيز الجيش والتحرك نحو مكة ولعشر خلون من شهر رمضان المبارك 8 هـ سنة 630م، غادر رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة متجهاً إلى مكة، في عشرة ألاف من الصحابة، وخرج أبو سفيان مرة أخرى غلى رسول الله يتوسل إليةويخبره أنه مستعد لتسليم مكة من غير قتال ففرح رسول الله لذلك وعرض على ابو سفيان الاسلام فأسلم وتحركت كل كتيبة من الجيش الإسلامي على الطريق التي كلفت الدخول منها. ودخل رسوا الله الحرم المكى وكسر الاصنام ثم دخل الكعبة وصلى داخلها وعفى عن جميع المشركين وعندما رؤا منة ذلك دخل جميعهم فى الاسلام.
وفاتة فى صفر سنة11هـ أصابتة الحمة واتقدت الحرارة، حتى إنهم كانوا يجدون سَوْرَتَها فوق العِصَابة التي تعصب بها رأسه. وقد صلي النبي صلى الله عليه وسلم بالناس وهو مريض 11 يوماً وثقل برسول الله صلى الله عليه وسلم المرض، وطلب من زو جاتة أن يمرض فى بيت عائشة فانتقل إلى بيت عائشة يمشي بين الفضل بن عباس وعلى بن أبي طالب، عاصباً رأسه، وقبل يوم من الوفاة أعتق النبي صلى الله عليه وسلم غلمانه، وتصدق بستة أو سبعة دنانير كانت عنده ، ووهب للمسلمين أسلحته، وطفق الوجع يشتد ويزيد، وقد ظهر أثر السم الذي أكله بخيبر حتى كان يقول: (يا عائشة، ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبْهَرِي من ذلك السم).وبدأ الاختصار فأسندته عائشة إليها، وهو يقول: (مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، اللهم اغفر لي وارحمني، وألحقني بالرفيق الأعلي. اللهم، الرفيق الأعلي).كرر الكلمة الأخيرة ثلاثاً، ومالت يده ولحق بالرفيق الأعلي. إنا لله وإنا إليه راجعون. وقع هذا الحادث حين اشتدت الضحي من يوم الاثنين 12 ربيع الأول سنة 11هـ، وقد تم له صلى الله عليه وسلم ثلاث وستون سنة وزادت أربعة أيام. ويعتبر المسلمون وفاة نبيهم محمد بن عبد الله أكبر مصيبة أصابتهم منذ بداية الأسلام وحتى الان ولا تعادلها مصيبة أخرى.
| |
|
فارس الاحلام عضو ذهبى
عدد المساهمات : 171 نقاط : 5002 التقييم : 1 تاريخ الميلاد : 10/03/1994 تاريخ التسجيل : 27/10/2011 العمر : 30 تعاليق :
إن شعرت إن الدنيا أصبحت سجنا لانفاسك
وان الساعات لا تعني إلا مزيدا من ألم
وأن كل شئ أصبح موجعا ..
ارسم على وجهك ابتسامة من قهر واسكب من عينك دمـعـة مـن فرح
| موضوع: رد: رجال صنعوا التاريخ الاسلامى 2011-11-01, 05:33 | |
| - - --^ ][][][ ( العشرة المبشرون بالجنة ) ][][][ ^-- - -
روي عن سعيد بن زيد رضي الله عنه أنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" عشرة من قريش في الجنة ، أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ،
وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن مالك ( بن أبي وقاص ) ، وسعيد بن زيد بن عمرو
بن نُفَيل ، و أبو عبيدة بن الجراح "
إذا العشرة المبشرون بالجنة هم :
أبوبكر الصديق رضي الله عنه
عمر بن الخطاب رضي الله عنه
عثمان بن عفان رضي الله عنه
علي بن أبي طالب رضي الله عنه
طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه
الزبير بن العوام رضي الله عنه
عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه
سعد بن مالك ( بن أبي وقاص ) رضي الله عنه
سعيد بن زيد بن عمرو رضي الله عنه
أبوعبيدة بن الجراح رضي الله عنه
ونوالى ذكر مواقفهم وسيرهم العطره | |
|
فارس الاحلام عضو ذهبى
عدد المساهمات : 171 نقاط : 5002 التقييم : 1 تاريخ الميلاد : 10/03/1994 تاريخ التسجيل : 27/10/2011 العمر : 30 تعاليق :
إن شعرت إن الدنيا أصبحت سجنا لانفاسك
وان الساعات لا تعني إلا مزيدا من ألم
وأن كل شئ أصبح موجعا ..
ارسم على وجهك ابتسامة من قهر واسكب من عينك دمـعـة مـن فرح
| موضوع: رد: رجال صنعوا التاريخ الاسلامى 2011-11-13, 04:37 | |
| :: سقيفة بنى ساعدة::
لابد من اجتماع للتشاور، والاتفاق على رأى، فليلتق الجميع فى سقيفة بنى ساعدة، وليتفقوا على من يختارونه، لكن الأنصار قد سبقوا إلى السقيفة، واختاروا واحدًا منهم هو سعد بن عبادة. فلما علم عمر بن الخطاب وأبو بكر الصديق وأبو عبيدة بن الجراح، أسرعوا إلى السقيفة، ووقف أبو بكر فيهم خطيبًا، فتحدث عن فضل المهاجرين وفضل الأنصار ثم ذكر أن الخليفة يجب أن يكون قرشيّا، إذ إن الناس لا يطيعون إلا هذا الحىّ من العرب، ثم اختار للناس أن يبايعوا إما عمر وإما أبا عبيدة، فرفض عمر وأبو عبيدة ذلك الأمر لعلمهما بفضل أبى بكر وسابقته، وهنا وقف بشير بن سعد وهو أحد زعماء الأنصار، وطلب من قومه ألا ينازعوا المهاجرين فى الخلافة ! وهذا موقف نبيل؛ إنه حريص على وحدة الصف، وعلى الأخوة الإسلامية، لا يفكر إلا فى المصلحة العامة، وهنا أعلن عمر ابن الخطاب ومعه أبو عبيدة بن الجراح مبايعتهما لأبى بكر الصديق. وبايع كل من كان فى السقيفة أبا بكر، ثم شهد مسجد الرسول ( بالمدينة بيعة عامة على نطاق أوسع ضمت كل الذين شهدوا بيعة السقيفة والذين لم يشهدوها، وأصبح أبو بكر خليفة المسلمين، وكان ذلك سنة 11هـ/ 633م. لقد كان أبو بكر جديرًا بذلك، وكان المسلمون جميعًا على قناعة بذلك، فقد رضيـه رسول الله ( لدينهم إمامًا فصلى خلفه، وأمر الناس بالصلاة خلفه، وهو مريض، فكيف لا يرضونه لدنياهم؟!
:: خلافة أبى بكر الصديق ::
(11 - 13 هـ / 632- 634م )
تمت البيعة لأبى بكر، ونجح المسلمون: الأنصار والمهاجرون فى أول امتحان لهم بعد وفاة الرسول ، لقد احترموا مبدأ الشورى، وتمسكوا بالمبادئ الإسلامية، فقادوا سفينتهم إلى شاطئ الأمان. وها هو ذا خليفتهم يقف بينهم ليعلن عن منهجه، فبعد أن حمد الله وأثنى عليه، قال: "أيها الناس، إنى قد وليت عليكم ولستُ بخيركم، فإن أحسنت فأعينونى، وإن أسأت فقومونى (ردونى عن الإساءة)، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوى عندى حتى آخذ له حقه، والقوى ضعيف عندى حتى آخذ منه الحق إن شاء الله تعالى، لا يدع أحد منكم الجهاد، فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة فى قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعونى ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لى عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله" [ابن هشام]. كان الإسلام فى عهد النبى قد بدأ ينتشر بعد السنة السادسة للهجرة، وبعد هزيمة هوازن وثقيف بدأت الوفود تَرِد إلى الرسول معلنة إسلامها، وكان ذلك فى العام التاسع!
:: جهاد أبى بكر ::
لقد دخل الناس فى دين الله أفواجًا، وقلَّ عدد المشركين الذين يعبدون الأصنام، وطهرت الجزيرة العربية من الشر، لكن بعض الذين دخلوا فى الإسلام كان منهم ضعاف الإيمان، ولم يكن الإيمان قد استقر فى قلوبهم، وقد دخله بعضهم طمعًا فى الأراضى والأموال. وكانت وفاة الرسول فرصة لهؤلاء وأولئك لكى يظهروا ما أخفوه خلال الفترة الماضية، ولكى يعلنوا ردتهم عن الدين الحنيف، فماذا يفعل الصديق، والخلافة فى أول عهدها ؟! إن هناك جماعة منعت الزكاة، وأخرى ارتدت، بل ادعى بعض الناس منهم النبوة !
:: جيش أسامة ::
لقد كان على أبى بكر -رضى الله عنه- أن يواجه هؤلاء جميعًا. وليس هذا فقط بل كان عليه أن يؤمِّن حدود الدولة الإسلامية ضد الأعداء الخارجيين، وكان الرسول ( قد أعدَّ لذلك جيشًا بقيادة أسامة بن زيد، ولكنه ( مات قبل أن يبرح الجيش المدينة، وظل أسامة بجيشه على حدود المدينة ينتظر الأوامر! وراح الجميع يفكرون فى مواجهة أعداء الأمة الإسلامية الوليدة! وكان رأى بعض المسلمين أن توجه كل الجهود إلى محاربة المرتدين، وأن يؤجل إنفاذ جيش أسامة لمحاربة الروم إلى ما بعد القضاء على المرتدين، وأن يتفرغ أبو بكر لذلك، ولكن أبا بكر وقف شامخًا راسخًا، يؤكد العزم على قتالهم جميعًا فى كل الجبهات، قائلا عن مانعى الزكاة: "والله لو منعونى عِقَال بعير (ما يربط به البعير) كانوا يؤدونه إلى رسول الله ( لقاتلتهم عليه" [متفق عليه] ولقد أصر أن يتم بعث أسامة قائلا: "والله لو ظننت أن السباع تخطفنى لأنفذت بعث أسامة كما أمر الرسول (" [ابن كثير].
:: حملات عسكرية ::
وأعد أبو بكر -رضى الله عنه- إحدى عشرة حملة عسكرية، كان من أشهرها: حملة خالد بن الوليد، وحملة العلاء بن الحضرمى.
:: جيش العلاء بن الحضرمى ::
كان ملك البحرين، قد أسلم فى عهد الرسول ، وأقام فى رعيته الإسلام والعدل، وعندما مات رسول الله ومات ملك البحرين، ارتد أهل البحرين، وقال قائلهم: لو كان محمد نبيّا ما مات. وبقيت بالبحرين قرية يقال لها جُوَاثا ثابتة على دينها، فقد قام فيها رجل من أشرافهم وهو الجارود بن المعلى، وكان ممن هاجروا إلى رسول الله ، فقال: يا معشر عبد القيس إنى سائلكم عن أمر فأخبرونى إن علمتموه. قالوا: سَلْ. قال: أتعلمون أنه كان لله أنبياء قبل محمد؟ قالوا: نعم. قال: تعلمونه أم ترونه؟ قالوا: نعلمه. قال: فما فعلوا؟ قالوا: ماتوا. قال: فإن محمدًا مات كما ماتوا، وإنى أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. فقالوا: ونحن أيضًا نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. وثبتوا على إسلامهم [ابن كثير]. وأرسل أبو بكر العلاء بن الحضرمى أحد كبار الصحابة إلى حرب المرتدين من أهل البحرين، وكان العلاء على معرفة بأحوال هذه البلاد لأن الرسول كان قد أرسله ليجمع الزكاة من أهلها. وحدث فى هذه الغزوة أن نزل العلاء منزلا فلم يستقر الناس على الأرض حتى نفرت الإبل بما عليها من زاد الجيش وخيامهم وشرابهم، وبقوا على الأرض ليس معهم شىء سوى ثيابهم، وذلك ليلا، ولم يقدروا منها على بعير واحد، فأصاب الناس همٌّ عظيم وجعل يوصى بعضهم إلى بعض، فنادى منادى العلاء، فاجتمع الناس إليه، فقال: أيها الناس، ألستم المسلمين؟ ألستم فى سبيل الله؟ ألستم أنصار الله؟ قالوا: بلى. قال: فأبشروا والله لا يخذل الله مَنْ كان فى مثل حالكم. ونودى لصلاة الصبح حين طلع الفجر، فصلى بالناس، ثم جثا على ركبتيه، وجثا الناس، واستمر فى الدعاء حتى طلعت الشمس، وجعل الناس ينظرون إلى سراب الشمس يلمع مرة بعد مرة وهو يجتهد فى الدعاء، فوجدوا إلى جانبهم غديرا عظيمًا من الماء. فمشى ومشى الناس إليه فشربوا واغتسلوا، فما انتهى النهار حتى أقبلت الإبل من كل مكان بما عليها لم يفقدوا شيئًا من أمتعتهم. والتقى جيش العلاء بالمرتدين فهزموهم، وفروا منهم فى البحر إلى "دارين"، فتبعهم المسلمون، لكنهم عندما وصلوا إلى ساحل البحر ليركبوا، وجدوا أن المسافة بعيدة،ولو انتظروا حتى يجهزوا المراكب التى سوف يعبرون عليها، لتمكن الأعداء من الهروب، فاقتحم العلاء البحر بفرسه وهو يقول: يا أرحم الراحمين، يا حكيم يا كريم، ويا أحد يا صمد، يا حى يا محيى، يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا أنت يا ربنا. وأمر الجيش أن يقولوا ذلك، ففعلوا وعبر بهم الخليج بإذن الله، فقطعه إلى الساحل الآخر، فقاتل عدوه وهزمهم، وأخذوا غنائمهم وأموالهم. ولم يفقد المسلمون فى البحر شيئًا سوى عليقة فرس. وكان مع الجيش راهب من أهل هجر، فأسلم وقال: خشيت إن لم أفعل أن يمحقنى الله لما شاهدت من الآيات، ولقد علمت أن القوم لم يعانوا بالملائكة إلا وهم على أمر الله، فحسن إسلامه [ابن كثير: البداية والنهاية]. لقد خرج المؤمنون خالصة نواياهم، غايتهم العزة لدين الله العظيم، من أجل ذلك أمدهم الله بكراماته، وأيدهم بنصره. لقد هزت هذه الجيوش الجزيرة العربية هزّا عنيفًا، وأعادت المارقين والخارجين إلى حظيرة الإيمان من جديد؛ ليعرفوا أن الله هو الحق المبين، وأن رسوله ( هو خاتم النبيين، وإذا كان محمد قد مات، فإن دين الإسلام الذى جاء به باق إلى يوم القيامة بإذن الله. وكان جيش أسامة الذى أرسله أبو بكر لمحاربة الروم قد حقق الهدف الذى بعث من أجله، فَأَمَّنَ الحدود، وأعاد الثقة إلى النفوس! وعرف الروم أن الدولة الإسلامية مازالت قوية، لم تضعف، وفى استطاعتها أن تصد كيد الأعداء. وفى وقت بعث أسامة، كان بعض مانعى الزكاة قد جاءوا إلى أبى بكر، فلما رأوا تصميمه على أخذ الزكاة، رجعوا إلى قبائلهم وأغروهم بالقضاء على الإسلام، والاستيلاء على المدينة، وكان أبوبكر قد وضع بعض الصحابة على أنقاب المدينة؛ لأنه توقَّع إغارتهم، وعندما اتجهوا بالفعل إلى المدينة، وعرف أبو بكر أوصى الواقفين على الأنقاب بالصبر، ثم اتجه هو وبعض الصحابة، إليهم ولقنوا هؤلاء المرتدين درسًا لا يُنسى، حتى يعلموهم وغيرهم أن الدولة الإسلامية لم تضعف بعد وفاة النبى. كما عمل أبو بكر -رضى الله عنه- على القضاء على كل من تسول له نفسه أن يطعن فى دين الله، كأولئك الذين ادعوا النبوة أمثال الأسود العنسى وسجاح التى أسلمت فيما بعد، ومسيلمة الكذاب الذى أرسل إليه أبو بكر جيشًا هزمه شر هزيمة فى وقعة اليمامة، حيث قتل الله الكذاب بعد ما استشهد كثير من الصحابة وخاصة بعض حملة القرآن منهم.
:: فتوحات أبى بكر ::
انتهت حروب الردة، وتم القضاء على كل من ادعى النبوة كالأسود العنسى، ومسيلمة الكذاب، وسجاح. ورجع الهدوء والاستقرار إلى الجزيرة العربية. وبدأت أنظار المسلمين تتجه ناحية حدود دولتهم، فالفرس يقفون فى وجه الدعوة الإسلامية، ويساندون أعداءها. والروم يحاربون الدعوة وينصرون خصومها.
:: أبو بكر والفرس ::
بدأت عداوة الفرس للمسلمين فى عهد الرسول (، عندما أمر ملك الفرس عامله على اليمن أن يرسل من عنده رجلا ليقتل رسول الله أو يأسره بعدما أرسل له النبى من يدعوه إلى الإسلام ولكن الله أهلك ملك الفرس عندما ثار عليه قومه وحفظ رسوله حتى مات. وعندما ارتدت العرب ظن الفرس أن العرب المرتدين سيقضون على الإسلام فى مهده، ولكن الله خَيَّبَ ظنهم، فعادوا يكيدون للإسلام، فما كان من أبى بكر الصديق -رضى الله عنه- إلا أن بعث إليهم خالد بن الوليد، وتحرك الجيش بقيادته نحو العراق، ونزل الحيرة فدعا أهلها إلى الإسلام، أو الجزية، أو الحرب. ولهم أن يختاروا الموقف الذى يناسبهم، فلا إكراه فى الدين، ولا عدوان إلا على الظالمين! والإسلام أحب إلى كل مسلم من الجزية أو الحرب. وقبل أهل الحيرة أن يدفعوا للمسلمين الجزية ويعيشوا فى أمان وسلام، وكانت هذه أول جزية تؤخذ من الفرس فى الإسلام. وسار خالد بجيشه إلى الأنبار، فهزم أهلها حتى نزلوا على شروطه، وقبلوا دفع الجزية أيضًا. ثم اتجه إلى "عين التمر"، ومنها إلى "دومة الجندل"، وفتحهما عنوة وقهرًا بعد أن رفض أهلها الإسلام والجزية وأعلنوا الحرب! فعاد البطل الفاتح منتصرًا بعد أن أَمَّنَ حدود الدولة الإسلامية الناشئة من ناحية الفرس.
:: مواجهة الروم ::
لكن خطر الروم ما زال يهدد الدولة الإسلامية !! فهذا هرقل إمبراطور الروم قد جمع قواته على حدود فلسطين؛ وحرض العرب المجاورين له على معاداة المسلمين ليوقف المد الإسلامى والزحف المبارك، ولكن كلمة الله لابد أن تكون هى العليا، وكلمة الذين كفروا هى السفلى! لابد أن يزيل أبو بكر -رضى الله عنه- كل العوائق التى تقف فى طريق الدعوة الإسلامية، وتتربص بها، تريد القضاء عليها! ودعا أبو بكر المجاهدين لحرب الروم فى الشام، وأعلن التعبئة العامة ليلقن كل الذين يفكرون فى العدوان على الإسلام والمسلمين درسًا لا ينسى، وتحركت الجيوش من "المدينة المنورة" وبتشكيل أربع فرق يقودها قواد عباقرة عظام. كان على رأس الأولى: "عمرو بن العاص" ووِجْهَتُه "فلسطين". وكان على رأس الثانية "يزيد بن أبى سفيان" ووجهته دمشق. وكان على رأس الثالثة "الوليد بن عقبة" ووجهته "وادى الأردن". أما الرابعة فكان على رأسها "أبو عبيدة عامر بن عبدالله بن الجراح" ووجهته "حمص".
:: اليرموك ::
لما انتهى أبو بكر الصديق من القضاء على فتنة المرتدين، قرر مواجهة القوتين العظميين آنذاك، وفكر فى مواجهة إحداهما، وبعث عددًا من الجند لمناورة القوى الأخرى، حتى لا تكون هناك فرصة لهما أن يجتمعا ضد المسلمين. وكان الفرس قد عرفوا بعدائهم الشديد للإسلام، وقد ظهر هذا من خلال بعض الأعمال، كمساندتهم للمرتدين، وإمداد كل من ادعى النبوة فى الجزيرة العربية، بل حاولوا القضاء على الإسلام، ولذا، فقد استجاب أبو بكر لطلب المثنى بن حارثة للتحرش بالفرس، بل أمر أبو بكر خالد بن الوليد أن يساعد المثنى، وذلك بالإرسال إليه بعد انتهاء خالد من حرب أهل العراق، وشعر الفرس بقوة المسلمين بعد الذى صنعه خالد ببعض الأراضى التى كانوا يحتلونها. أما القوى الرومية، فقد بعث أبو بكر خالد بن سعيد بن العاص يرابط بقواته قرب مناطق يسيطر عليها الروم والقبائل العربية التى تعتنق النصرانية وتحالف الروم، ثم أرسل أبو بكر الجيوش بقوادها الأربعة إلى بلاد الشام، وقد أدرك الروم ما يرمى إليه خليفة المسلمين، فاستعدوا لحرب آتية لابد منها مع المسلمين، بل نقل هرقل مقر القيادة إلى حمص ليكون أقرب من ميدان القتال، ولما رأى المسلمون ذلك، طلبوا من أبى بكر أن يرسل إليهم بالمدد، فأرسل أبو بكر إلى خالد بن الوليد أن يتحرك بمن معه فى نجد إلى الشام، ولاسيما أن الفرس فى حالة من الضعف، ورحل خالد بمن معه إلى الشام، حيث جرت معركة اليرموك بين المسلمين والروم، واحتشدت القوات للمواجهة، وقبل البدء فى القتال كان أبو بكر قد توفى ورحل إلى الرفيق الأعلى وتولى مكانه عمر، ولكن الجيش الإسلامى لم يكن يعلم بذلك، وتجهز جيش المسلمين للقاء الروم.
:: هيكلة الجيش ::
استعد جيش المسلمين للقاء، فكان على ميمنة الجيش إلى الشمال عمرو بن العاص، وعلى الميسرة من الجنوب قرب نهر اليرموك يزيد بن أبى سفيان بن حرب، وكان أبو عبيدة بن الجراح بينهما. وخرج المسلمون على راياتهم، فكان على راية الميمنة معاذ بن جبل -رضى الله عنه-، وعلى راية الميسرة نفاثة بن أسامة الكنانى، وعلى الرجّالة هاشم بن عتبة بن أبى العاص، وعلى الخيّالة خالد بن الوليد، وهو المشير فى الحرب الذى يصدر الناس كلهم عن رأيه، ولما أقبلت الروم بأعدادها وعتادها وقد سدت الأفق، ورهبانهم يتلون الأناجيل يباركون صفهم . وأثناء ذلك، تحرك خالد بن الوليد إلى أبى عبيدة، وقال له: إنى مشير بأمر. فقال أبو عبيدة: قل ما أمرك الله أسمع لك وأطيع. فقال خالد: إن هؤلاء القوم لابد لهم من حملة عظيمة لا محيد لهم عنها، وإنى أخشى على الميمنة والميسرة، وقد رأيت أن أفرق الخيل فرقتين، وأجعلها وراء الميمنة والميسرة حتى إذا صدوهم كانوا لهم ردءًا، فنأتيهم من ورائهم، وجعل قيس بن هبيرة فى الخيل الأخرى، وأمر أبا عبيدة أن يتأخر عن القلب إلى وراء الجيش كله، حتى إذا فر أحد رآه، فيستحى منه، ورجع يقاتل مرة ثانية، فجعل أبو عبيدة مكانه فى القلب سعيد ابن زيد بن عمرو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وابن عم عمر، وزوج أخته، وساق خالد النساء وراء الجيش، ومعهن عدد من السيوف، وقال لهن: من رأيتنه هاربًا، فاقتلنه. ثم رجع إلى موقفه من الجيش.
:: قبل اللقاء ::
ولما برز الفريقان، قام عدد من أعلام المسلمين يعظون الجيش ويذكرون الناس بفضل الجهاد، والثواب عند الله يوم القيامة، فقام أبو عبيدة ووعظ الناس، كما قام معاذ بن جبل وعمرو بن العاص، وأبو سفيان بن حرب وأبو هريرة -رضى الله عنهم-.
: السياسة الحربـية ::
ولما تقارب الفريقان، تقدم أبو عبيدة ويزيد بن أبى سفيان ومعهما ضرار بن الأزور والحارث بن هشام وأبو جندل بن سهيل ابن عمرو، ونادوا: إنما نريد أميركم لنجتمع له. فلما ذهبوا إلى (تذارق) أراد أن يجلسهم على فرش من حرير فرفضوا، وجلس هو معهم حيث شاءوا، فعرضوا عليه إما الإسلام وإما الجزية وإما الحرب، ولكن الروم آثروا الحرب على الإسلام والجزية.
:: عز الإسلام ::
ثم طلب ماهان خالد بن الوليد ليبرز له فيما بين الصفين، فقال ماهان: إنا قد علمنا أن ما أخرجكم من بلادكم إلا الجهد والجوع، فهلموا إلى أن أعطى كل رجل منكم عشرة دنانير وكسوة وطعامًا وترجعون إلى بلادكم، فإذا كان من العام المقبل بعثنا لكم بمثلها. فرد عليه خالد قائلا: إنه لم يخرجنا من بلادنا ما ذكرت، غير أنَّا قوم نشرب الدماء، وأنه بلغنا أنه لا دم أطيب من دم الروم، فجئنا لذلك. فقال أصحاب ماهان: هذا والله ما كنا نحدث به عن العرب.
:: بداية ونهاية ::
وتقدم خالد إلى عكرمة بن أبى جهل والقعقاع بن عمرو، وهما على جانبى القلب، وأمرهما ببدء القتال، وهكذا بدأت المعركة، وكان ذلك فى أوائل رجب عام (13 هـ)، وحملت ميسرة الروم على ميمنة المسلمين، فمالوا إلى جهة القلب، ثم تنادى المسلمون فتراجعوا، وحملوا على الروم وردت النساء من فر، ثم نادى عكرمة بن أبى جهل قائلا: قاتلت رسول الله ( فى مواطن، وأفر منكم اليوم! وبايعه جماعة من الصحابة على الموت، وصل عددهم إلى 400 رجل، وقاتلوا أمام فسطاط خالد، فجرحوا جميعًا، ومات بعضهم، ثم حمل خالد بن الوليد بالخيل على ميسرة الروم التى حملت على ميمنة المسلمين، فأزالوهم إلى القلب، وقتل المسلمون فى حملتهم هذه 6000 من الروم، ثم حمل خالد بمائة فارس على ما يقرب من 100000 من الروم، فانهزم الروم أمامهم بإذن الله تعالى، ولما عاد المسلمون من حملتهم جاء صاحب البريد إلى خالد بوفاة أبى بكر وتولية عمر، وكتب إليه بعزله عن قيادة الجيش وتولية أبى عبيدة، وكان يكلمه سرّا، فقال له خالد: أحسنت. وأخفى الخبر حتى لا تحدث زعزعة فى صفوف المسلمين. وبينما كان القتال على أشده بين جيش الإسلام وجيش الروم، خرج "جرجة" -أحد أمراء الروم الكبار- من الصف، واستدعى خالد بن الوليد، فجاء إليه حتى اختلفت أعناق فرسيهما، فقال جرجة: يا خالد، أخبرنى فاصدقنى ولا تكذبنى، فإن الحُرّ لا يكذب، ولا تخادعنى، فإن الكريم لا يخادع، هل أنزل الله على نبيكم سيفًا من السماء فأعطاه لك، فلا تسلَّه على أحد إلا هزمته؟ قال: لا! قال: فبم سميت سيف الله؟ قال: إن الله بعث فينا نبيّا، فدعانا، فنفرنا منه، ونأينا عنه جميعًا، ثم إن بعضنا صدقه وتابعه، وبعضنا كذبه وباعده، ثم إن الله أخذ بقلوبنا ونواصينا فهدانا به وبايعناه، فقال لى: "أنت سيف من سيوف الله سله الله على المشركين"، ودعا لى بالنصر، فسميت سيف الله بذلك؛ فأنا من أشد المسلمين على المشركين. فقال جرجة: يا خالد إلى ما تدعون؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، والإقرار بما جاء به من عند الله -عز وجل-. قال: فمن لم يجبكم؟ قال: فالجزية ونمنعهم (نحميهم). قال: فإن لم يعطها؟ قال: نؤذنه بالحرب ثم نقاتله. قال: فما منزلة من يجيبكم ويدخل فى هذا الأمر اليوم؟ قال: منزلته واحدة، فيما افترض الله علينا، شريفنا ووضيعنا وأولنا وآخرنا. قال جرجة: فلمن دخل فيكم اليوم من الأجر مثل ما لكم؟ قال: نعم وأفضل. قال: وكيف يساويكم وقد سبقتموه؟ فقال خالد: لقد قبلنا هذا الأمر، وبايعنا نبينا وهو حى بين أظهرنا، تأتيه أخبار السماء ويخبرنا بالكتاب، ويرينا الآيات، وحق لمن رأى ما رأينا وسمع ما سمعنا أن يسلم ويبايع، وإنكم أنتم لم تروا ما رأينا، ولم تسمعوا ما سمعنا من العجائب والحجج، فمن دخل فى هذا الأمر بحقيقة دينه كان أفضل منا. فقال جرجة: بالله لقد صدقتنى ولم تخادعنى؟ قال: تالله لقد صدقتك، وإنَّ الله ولىّ ما سألت عنه من الإسلام. ودخل جرجة الإسلام فأخذه خالد إلى خيمته، وصب عليه قربة من ماء، ثم صلى به ركعتين ورجعا إلى المعركة يضربان بسيفيهما من بدء ارتفاع النهار حتى غروب الشمس، وأصيب جرجة رحمه الله، فمات شهيدًا، ولم يكن صلى لله -عز وجل- غير هاتين الركعتين مع خالد. بعد أن فر الروم ليلا إلى الواقوصة. وتم الفتح المبارك، وانهزمت الروم هزيمة بالغة، علم بها هرقل، وارتحل من حمص. لقد كان المسلمون رجالا لا يثبت لهم العدو رغم قلتهم، ولقد انهار هرقل وهو يرى هزيمة الروم رغم كثرتهم، فقال لقواده: ويلكم أخبرونى عن هؤلاء القوم الذين يقاتلونك أليسوا بشرًا مثلكم؟ قالوا: بلى. قال: فأنتم أكثر أم هم؟ قالوا: بل نحن أكثر منهم أضعافًا في كل موطن. قال: فما بالكم تنهزمون؟ فقال شيخ من عظمائهم: من أجل أنهم يقومون الليل، ويصومون النهار، ويوفون بالعهد، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويتناصفون بينهم. ومن أجل أنا نشرب الخمر ونزنى، ونركب الحرام وننقض العهد، ونغضب ونظلم ونأمر بالسخط، وننهى عما يرضى الله، ونفسد فى الأرض. فقال هرقل: أنت صدقتنى. وكان تعداد الجيوش التى سيرت إلى الشام سبعة وعشرين ألفًا، ولكنها زيدت بوصول جيش خالد إلى ستة وثلاثين. وكان جيش الروم يقارب المائتين وأربعين ألفًا، ولكن الله نصر عباده رغم قلة عددهم، بسبب إيمانهم وقوة عقيدتهم.
:: منجزات أبى بكر ::
كان عهد أبى بكر امتدادًا لعصر النبى (، لم يكن إلا متبعًا ومنفذًا لكل ما أشار به الرسول أو أمر به، لم يبتدع أبو بكر -رضى الله عنه- شيئًا يخالف ما كان عليه رسول الله ، بل كان كل شىء يسير وفقًا لشريعة الإسلام، وانشغل الناس فى فترة خلافته بقتال المرتدين والفتوحات الإسلامية. ولم يبق فى المدينة إلا من استبقاهم أبو بكر لحمايتها، ولاستشارتهم ولتبادل الرأى معهم، وعلى رأس هؤلاء: عمر بن الخطاب، وعلى بن أبى طالب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص. وكانت المدينة المنورة فى عهده عاصمة الدولة الإسلامية ومركز الحكم ومقر الخلافة. قسم أبو بكر الجزيرة العربية إلى ولايات جعل على كل منها أميرًا، يؤم الناس فى الصلاة، ويفصل بينهم فى القضايا، ويقيم الحدود؛ فكان على "مكة" عتاب بن أسيد، وعلى صنعاء المهاجر بن أمية، وعلى عمان والبحرين العلاء بن الحضرمى. وقد اتخذ الصديق عمر قاضيًا على المدينة، وجعل أبا عبيدة أمينًا على بيت مال المسلمين. ولقد كانت فترة حكمه قصيرة، لكنها كانت حاسمة فى تاريخ الإسلام، فقد واجه أحرج المواقف، وربما وقف وحده عند إصراره على محاربة المرتدين فى وقت اتجه فيه باقى المسلمين إلى المسالمة، قائلين: كيف نحارب الجزيرة العربية كلها؟! لكنه بإيمانه ويقينه وصدقه سرعان ما ضم المسلمين إلى رأيه، ثم سار بهم جميعًا يدكّ صروح الشرك، ويقضى على الشكوك والأوهام! ولم يتوقف عند هذا، بل راح يحطم قصور كسرى وقيصر. رحم الله أبا بكر لقد تمثلت فيه كل المعانى الإسلامية الرائعة.
:: جمع المصحف ::
استشهد كثير من حفظة القرآن وقرائه فى حروب الردة، وهنا أشار عمر -رضى الله عنه- على أبى بكر بضرورة جمع القرآن الكريم ؛ حيث كان مكتوبًا على سعف النخيل، وقطع الجلد، وألواح عظام الإبل، فأمر أبو بكر زيد بن ثابت ومعه بعض أصحابه بتولى هذه المهمة العظيمة. وقاموا بتدوين القرآن كله فى دقة متناهية بالترتيب الذى أمر به رسول الله ، ودون أى تغيير، وسموه مصحفًا. إن القرآن هو دستور المسلمين، وقد تعهد الله بحفظه، وكان أبو بكر أول من أسهم فى هذا الحفظ رحمه الله.
:: موت الخليفة ::
وفى هذا العام (13هـ/635م)، مرض أبو بكر، وظل المرض ملازمًا إياه طيلة شهر، ثم عهد بالخلافة لعمر بن الخطاب بعد أن استشار كبار الصحابة. وبعد ذلك، لقى ربه راضيًا مرضيًّا، وكانت ولايته -رضى الله عنه- سنتين وثلاثة أشهر وعشرة أيام، وصعدت روحه إلى الرفيق الأعلى وله من العمر ثلاثة وستون عامًا. وكان آخر ما تكلم به: ( تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِين [يوسف: 101]. ولم يترك ثروة طائلة، وإنما ترك ذكرى طيبة. وحسبه أنه جمع المسلمين، ووحّد كلمتهم، وأمَّن حدود الدولة، ولقَّن الأعداء درسًا لا يُنسى.
| |
|