ياسرجلهوم مشرف دبركاوى
عدد المساهمات : 1269 نقاط : 7430 التقييم : 0 تاريخ الميلاد : 12/08/1970 تاريخ التسجيل : 28/07/2010 العمر : 54 تعاليق : ان لم تروني يوما هنا فلتعلموا اني قد رحلت فاتمني ان تكون القلوب صافيه والنفوس عني راضيه
بالاخوه قابلتكم وها انا ذا بها اودعكم
اعتذر لكل القلوب التي يوما ما ادميتها
الإنسان لا لحمه يُؤكل ولا جلده يُلبس
فـ/ماذا فيه غيرحلاوة اللسان وجمال الخلق
سمع عُمر بن عبد الخطاب صوت الرعد ، ف بكى بكاءً شديدًا !
فقال له احد رفاقه : مايُبكيك يا أمير المؤمنين ؟ ، فقال : هذا صوت رحمته فكيف صوت عذابه
| موضوع: صاحب الجنتين 2011-09-23, 07:52 | |
| صاحب الجنتين
وردت هذه الحكاية في سورة الكهف التي نقرأها كل جمعة فما رأيكم أن نتوقف بنوع من التمحيص و التدقيق في معاني تلك القصة الهامة
بسم الله الرحمن الرحيم :
(( و اضرب لهم مثلاً رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل و جعلنا بينهما زرعا ، كلتا الجنتين آتت أكلها و لم نظلم منه شيئا و فجرنا خلالهما نهرا ))
إذا فقد رزق الله أحد هذين الرجلين جنتين أو بستانين كبيرين عظيمين فيهما كل ما يشتهيه و يطلبه الإنسان من زرع و على حوافهما نخل و يجري بينهما نهر يرويهما
و أثمرتا بشكل كامل دون أي نقصان فيا لها من نعمة عظيمة
(( و كان له ثمر فقال لصاحبه و هو يحاوره أنا أكثر منك مالاً و أعز نفرا ))
ففي الوقت الذي أثمرت فيه الجنتان دعا ذلك الرجل صاحبه الفقير ليتباهى و يتكبر عليه بماله و زرعه و عزوته و أولاده و جاهه بدلاً من أن يكرمه و يحسن ضيافته و انظروا معي إلى التكبر الواضح في لفظ ( أنا ) و ما أبشع التكبر و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ))
و كم نشاهد هذه الظاهرة اليوم حيث يتكبر الأغنياء بأموالهم و أملاكهم و يعتبرون أنفسهم فوق البشر و كم تكون تلك الظاهرة مؤسفة عندما تكون بين الأصحاب .. بل بين الإخوة و الأقارب بدلا من أن يكون هناك تكافل و تعاون و محبة بين الغني و الفقير ، فكيف يتباهى الغني بماله و لا يساعد الفقير و يكرمه
و من شأن هذا التكبر و التعالي أن يفكك أوصال المجتمع المسلم و ينشر البغضاء و الحقد و الحسد بين أبناء الأمة و حتى الأسرة الواحدة
و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى )
و قال صلوات الله و سلامه عليه أيضا : ( ما آمن بي من بات شبعانا و جاره إلى جنبه جائع و هو يعلم به )
فمن واجب الغني أن يكرم الفقير و أن يساهم في إنشاء مشاريع لتشغيل الفقراء و رفع مستوى معيشتهم ليكون المجتمع المسلم متكافلا متحابا .. لا أن يتكبر و يطغى بما آتاه الله تعالى من مال و ملك و ذرية
و بعد التكبر تتوالى الكبائر و الذنوب و يقسو القلب ليصل إلى الجحود و الكفر و العياذ بالله
(( و دخل جنته و هو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا ، و ما أظن الساعة قائمة و لئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلبا ))
و هنا يظلم ذلك الأحمق نفسه تماما عندما يأمن من غضب الله و مكره و يكفر بيوم الحساب فيالقسوة القلب إذا ما أعماه المال و الجشع و الجحود
فصاحبنا يظن بأنه بماله قد أمن على نفسه و بأن ما عنده من نعم لن يزول أبدا فهو يظن نفسه تاجرا ذكيا و قويا بماله و أولاده و عزوته
و نسي بأن الله تعالى قادر أن يأخذ كل ما منحه إياه من نعم بلمح البصر فهو من أعطاه و هو القادر على أن ينزع منه كل نعمه قال تعالى : (( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء و تنزع الملك ممن تشاء و تعز من تشاء و تذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير ))
و نلمح في قوله تعالى : (( و لئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلبا )) أمراً في غاية الأهمية
و هو تفكير خاطئ يقع فيه الكثيرون عندما يعتبرون بأن نعم الله عليهم دليل على محبته لهم و رضاه عنهم بل قد تكون النعمة اختباراً و استدراجا من الله تعالى للعبد
فكم من مستدرج بنعيمه و هو لا يدري ... فالله تعالى يختبر المرء بالنعمة تماما كما يختبره عند الابتلاء
فإن شكر الله و اعترف بفضله عليه و أنفق ماله فيما يرضي الله تعالى و سعى للخير فقد نجح في الاختبار
و إن تكبر و تجبر و جحد بماله فقد وقع في المحظور و لا بد من العقوبة فجأة في الدنيا أو في الآخرة
و بعد كل هذا الجحود و التكبر لنتأمل معاً رد صاحبه المؤمن التقي الراضي بالله و عن الله
(( قال له صاحبه و هو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا ، لكنا هو الله ربي و لا أشرك بربي أحدا ، و لولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترني أنا أل منك مالاً وولدا ، فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك و يرسل عليها حسباناً من السماء فتصبح صعيداً زلقا ، أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا ))
درس كامل في وقت قصير و حكم عظيمة نطق بها ذلك الرجل الصالح
يذكر صاحبه بأن الله تعالى خلقه من تراب و جعل منه رجلا و رزقه و أنعم عليه
يذكره بأنه لا شيء لولا فضل الله و نعمته
ينبهه من الكفر و الجحود بأن يتكبر و ينسى فضل الله تعالى عليه يحذره من الشرك الخفي عندما يتكبر بماله و عزوته و يظن بأنه في مأمن و ينسب المال و النعمة لنفسه و لعمله و تجارته و يوضح له بأن الله تعالى الذي أنعم عليه قادر على أن يزيل كل هذا الملك بلحظة و أن يمنحه لمن يشاء
ينبهه من عقوبات الله الرادعة إن أصر على كفره و جحوده و تكبره
و يأبى المتكبر سماع النصيحة و يصر على موقفه فتأتي العقوبة الإلهية و يضيع كل شيء
(( و أحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها و هي خاوية على عروشها و يقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا ))
و يغرق الله الجنتين و يخسف بهما الأرض فيتأمل المتكبر جنتيه و قد زالتا تماما و يعترف بذنبه و يقر بجريمته و لكن بعد فوات الأوان (( و لم تكن له فئة ينصرونه من دون الله و ما كان منتصرا ))
فأين العزوة و السند ؟؟ و أين الأولاد و الذرية ؟؟؟ و أين الخدم و الحشم و الجنود ؟؟؟ و أين النصير ؟؟
على من كنت تعتمد يا فقير ؟؟؟ على من كنت تتوكل يا مسكين ؟؟؟ (( ما عندكم ينفد و ما عند الله باق )) (( هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا و خير عقبا )) فمن اتخذ الله وليا و نصيرا فقد فاز و من اعتمد على نفسه أو ماله أو جاهه فقد خسر و تختتم القصة بحكمتين عظيمتين الأولى نجدها في قوله تعالى : (( و اضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح و كان الله على كل شيء مقتدرا )) فهكذا هو نعيم الدنيا يزول و يختفي و ينتهي هشيما ضعيفا تذروه الرياح فلا تغتر أيها الغني بدنيا زائلة و ملك فان فكل هذه الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة
و خير حكمة نتخذها من تلك القصة نجدها في قوله تعالى : (( المال و البنون زينة الحياة الدنيا و الباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا و خير أملا )) فلن ينفعك مالك و أولادك و ليس لك إلا عملك الصالح فهو الأبقى و الحمد لله رب العالمين
| |
|