صفا الروح نائب رئيس مجلس الاداره
عدد المساهمات : 10588 نقاط : 20754 التقييم : 11 تاريخ التسجيل : 16/02/2010 المزاج : بنعمه والحمدلله تعاليق :
| موضوع: قراءة فى معنى الاتكال 2011-07-07, 21:37 | |
| قِراءةٌ فِي مَعنى الإتكالِ
إن أغلبَ الدراسات التي تهتم بالمجتمع والأفراد ترى فيها الكثير من القوانين التي وضعت أسساً وفرضيات تساعد في إنشاء أفراداً مستقلين بعيدين عن طفيلية العيش وذل الاتكال ، ولاشك في أن مثل هذه التربية تُعد تربية قيمة تستحق التقدير،
ولكن يجب أن لا ننسى أن طاقة الفرد مهما وصلت فهي محدودة وبالتالي فإن درجة نشاطه في الحياة محدودة أيضاً فمَن كان محروماً من الإيمان ومعونة الغيب كانت حياته وفقاً لتلك القوانين والدراسات التي حاولت جاهدةً في عزلِ كيان الإنسانِ ــ هذه المنظومة المهمة في رقي المجتمع ــ عن سائر الموجودات بغية أن يصبح فرداًَ مُتمسكاً بمنفعة المادة لا غير!
وهنا أقفُ بصددِ تدوين وعرض بعض العناوين لتبيان ما تقدم
الاتكالُ على النفسِ
لاشك إن استناد الفرد إلى نفسه يجعله أكثر عزماً وقوة من غيره ،مما يمنحه ذلك الحرية في تسير إرادته في الحياة ومواجهة مشكلاته بشخصية مستقلة رصينة ذات طموح تجعله يغض النظر عما في أيدي الآخرين
وما شاع في الكتب النفسية التربوية الحديثة والتي فسرت هذا الاتكال بالعزلة عن الآخرين ـ عن الأخ والصديق والجار والأقارب وجميع الناس!، واضح البطلان ولا يخفى على الكثير منا خصوصاً لو عرف مجتمعنا بأنه المستهدف في تسويق تلك النظريات إليه !، فالمسؤولية الفردية تنبثق من أداء
الواجب والاعتماد على النفس ليسير المجتمع إلى شاطئ النجاح ،فالفرد غصن من بين أغصان شتى جمعتها فطرة الحياة بالتعاون والإيثار والمحبة والوئام بعيداً عن الأنانية والفوضوية وسلبية العيش مع الآخرين.
فقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) (( من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم ))
الاتكال على الآخرين
أما العون الذي يتلقاه الفرد من الآخر فإنه يضعف الروح والعمل ويقلل من المثابرة في الحياة لأنه في حالة لا يرى فيها داعياً للجهد والتفكير! خصوصاًَ عندما تتجاوز تلك المعونة الحد الضروري
حينئذ يفقد الفرد الشعور بقوته وتموت روح العزيمة في نفسه وتكون سبباً لحرمانه الراحة، وباباًَ من أبواب الذل والهوان.
فعن أبي عبد الله (عليه السلام) (( اليأس مما في أيدي الناس عزٌ للمؤمن ))
الاتكالُ على المُنى
إن الوصول إلى أي هدف يتطلب مقدمة في الجهد والمبادرة الكاملة من الفرد مع تذليل الصعاب التي تحيط به !
أما الأمنيات غير الناضجة و الآمال الفارغة التي تبعثها النفس المُتوهمة لظروف طارئة ربما هي أشبه بالسراب ! ما أن تقدمت نحو بخطوة زادك اتساعا !، فإن أمثال أولئك الذين يتعهدون ضمائرهم بالأماني الطوال بدلاً من أن يعمروها بالبحث والجهد وتقديم الأسباب في كل أهدافهم يستحيل عليهم أن يحصلوا على حياة كريمة أبداً.
فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) : (( إياك والاتكال على المُنى ..))
الاتكالُ على اللهِ
هو الثقة الكاملة بالله والركون إليه دون غيره واعتباره تعالى مصدر الخير ومسبب الأسباب ووحده مصرف الأمور والقادر على إنجاح الغايات والأهداف ،
فمن أقتصر على طاقاته دون أن يثق بمن سخر تلك الطاقات والقوى فقد حصر نفسه في سجن ضيق جداً، فالطاقة التي لا تقبل التحديد هي قدرة الله المُسيطرة على الكون كله ، وصاحب هذا العقيدة لا يخسر المعركة أمام كل المشاكل والعقد ، ولا يعرف اليأس طريقاً إلى روحه المطمئنة فضلاً عن العزم الثابت والإرادة الصلبة التي لا يقتحمها أحد ،، قال تعالى (( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ))
| |
|